صفحة:مجلة المنار - المجلد 01.djvu/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
(المنار ١– ۱)
١٣
فاتحة السنة الأولى المنار

اللغة العربية بالتحلي بفرائدها واقتناص أوابدها ، وتقييد شواردها، على سبيل التدرج في الاستعمال . ولا تأتلى ان تذكر ما تفيد معرفته من أخبار السياسة الخارجية، وتثبث ما يهم بيانه من الحوادث المحلية، مع انتقاء الصادق والاعتدال، لا تميل مع ريح حزب من الاحزاب، ولا تتطرف الجانب تقريط أو افراط ، بحسب ما يصل اليه الاجتهاد . لكنها عثمانية المشرب حميدية اللهجة، تحامي عن الدولة العلية بحق، وتخدم مولانا السلطان الاعظم بصدق، وتحامى المطاعن الشخصية، والأماديح الشعرية، لكنها لاتني في تقريظ الاعمال العامة الموضوع ، وتقريض الكتب المؤلفة لافادة الجمهور، بالقول الصحيح، والانتقاد الرجيح ، وتقبل الانتقاد الادبي من كل احد، وتقابل عليه بالثناء والشكر، وتذعن للحق كيفما طلع بدره ، ومن أين انبلج فجره ، وتتلقف الحكمة من حيث أنت ، وتأخذها أينما وجدت ،

هذا ما توجهت اليه النفس، واعتزمت عليه بعد تصحيح النية واخلاص القلب ، ولا اجهل انتي حاولت أمراً جليلاً ، وحملت نفسي عباً ثقيلا ، ينوء بالعصبة أولي القوة ، ويعوز الى تأليف لجنة أو عقد جميعة، لكني مع ذلك أعلم أن للحق انصارا ، ولا صالحات اعضادا ، تستمد الجريدة من بحار افكارهم وتغتذي بالكلم الطيب من مجاني عرفانهم، وتستقي مداد الحكمة من أنابيب اقلامهم ، ومن جراء هذا أوذاك مر علي حين من الدهر بعد تصور الموضوع والعزم على الشروع، وانا بين اقدام واحجام، ويأس ورجاه، يحركني الباعثان ، ويتنازعني العاملان حتى اعملت الأمل، ورجحت الاقدام على العمل وما أجدرني بموقف الحيرة بين بين ، وقد انذرني بعض عظماء هذا القطر، بما صدقه به الابتلاء والخبر ، من ان الجد مرغوب عنه لا مرغوب فيه