صفحة:ما هي النهضة-سلامة موسى-1935.djvu/7

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مقدمة

نحن في نهضة فيجب أن نفهم معاني النهضة.

ويجب أيضا ألا نقف منها موقف المتفرجين، إذ علينا أن نعمل فيها ونعاونها، ونعيش اتجاهاتها نحو المستقبل.

النهضة ثراء وقوة وثقافة وصحة وشباب، ولكن قد يكون الثراء مؤلفا من نقود زائفة كما قد تكون القوة والثقافة والصحة والشباب خداعا وليس حقيقة.

كان «ابساماتيك»، فرعونا على مصر. تولى الحكم فيما بين ٦٦٦-٧١٢ قبل الميلاد، وهو مؤسس الأسرة السادسة والعشرين، وكلمة «مؤسس»، تعني: إنه كافح أعداء، ونصب أهدافًا، ودرس وحقق.

ولكنه كان رجلا خالص النية في خدمة وطنه أكثر مما كان ذكيا بصيرا بمستقبل بلاده، وكان أعداء مصر يحيطون بها، فمن الغرب غارات، ومن الجنوب غارات. وفي الشرق هزائم، والمستقبل مظلم والأمة مفككة، وولاء الشعب موزع بين الكهنة والعرش، والدسائس لا تنقطع.

وفكر الرجل في نية خالصة، وعزم حديد فيما أصاب مصر، وذكر تلك القرون الأولى حين كان «خوفو» يقول: شيدوا لي هرمًا، فما هي إلا سنوات حتى يراه ينطح السماء. وكان ابساماتيك يرى الأهرام كما نراها نحن الآن، وكان يقرأ التاريخ فيرثي لبلاده وضعفها.

وفكر، ثم فكر، وانتهى أخيرا إلى أن مصر لن يعود إليها مجدها الغابر إلا إذا رجعت إلى تقاليد هؤلاء الأسلاف، فأحيت الشعائر القديمة، ودرست نصوص الديانة القديمة، ونهضت بالفنون أساليبها القديمة، بل زاد على ذلك بأن عاد إلى سقارة حيث الأهرام، أي: حيث قبور الفراعنة من الدولة القديمة، فقال بوجوب العودة إلى دفن الفراعنة فيها.