صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/88

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٨٤ - « لقد ذهبت عظمة « آصف(۱) » ومركبه على الريح ، ومنطقه مع الطير « وضاعت جميعها ولم يتمتع بشيء منها « فلا تطر بجناحك وريشك وترتفع عن « الطريق » فالسهم المريش « يرتفع مدة في الهواء ، ولكن سرعان ما يهبط إلى الأرض » . 1

هل كان حافظ متشائما كما يبدو من هذه الأبيات الأخيرة ؟ يقول الدكتور عبد الوهاب عزام في الجزء الثاني من كتاب « قصة الأدب في العالم » صفحة 511 « وحافظ يبين في شعره عن انقباض واكتئاب وحزن ، ويعرب عما يمتحن يه في هذا العالم ، ويغلب عليه التشاؤم ؛ ولكنه يبين عن فرحه وسروره أحيانا ، وعن تهلله وإشراقه ، وتأميله وانبساطه ، كأنه بري من مرض ، أو استراح من الم ، أو ظفر بما يريد بعد عناء ، أو حم له بعد طول الفراق لقاء » . والذي يقرأ غزلیات حافظ قد بون له أن يخالف الدكتور عزام في تصويره لنفس حافظ ، فيراه – على عكس ما يرى الخيام - كثير الابتسام ، قليـل الانقباض ، ويرى التشاؤم في حديثه عرضا خفيفا ، لاسمة أصيلة . وإنما يراه في أحواله هادئا لطيفا . ضحكته ابتسامة ، وصرخته آهة ، وهو برىء النفس من الحقد والألم جميعا ، مشغول عن الحقد والألم بالسبحات الصوفية واللحظات الغزلية ، واستجلاء الحسن والجمال في هذه وتلك ، وفي الغيب والميان . وهناك خلاف بين الدكتور عزام والدكتور إبراهيم أمين على تصوير أسلوب حافظ الشعري في لغته . فالدكتور عزام يقول : « ولحافظ في الشعر أسلوب دقيق جميل يشبه النغم الموسيقى المحكم ، جانست (1) يتابع في هذا ما جاء بالتوراة لا القرآن