صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٤٦ - انفعال منهم ا هو جانب الجو الشعوري الذي عاشت فيه هذه المعاني ، واكتسبت منه ألوانها ودرجة حرارتها ومقدار اندفاعها ، ومدى ما ترمز إليه في النفس من ليست الألفاظ إلا رموزا له ، تشير إليه ولا تعبر عنه ، إنما يعبر عنه ذلك الإيقاع الموسيقى العام ، كما تعبر عنه الظلال الخاصة التي تلقيها الألفاظ بجرسها أو بالصور التي تنبعث منها ، والتي هي زائدة في الحقيقة على معناها اللغوي الذي يفهمه الذهن منها

يستدعى الشعر بلا جدال . . مما تقدم نستطيع أن نحدد – على وجه التقريب – عمل الوعى وما وراء الوعي في الشعر . فنستطيع أن نقول : إن الشعر يستمد معظم مؤثراته وانفعالاته من وراء الوعى ، وإن الوعى إنما يبدأ عمله عند مرحلة النظم التي لا بد فيها من اختيار الفاظ خاصة تعبر عن معانى خاصة ، وتنسيقها على نحو معين التنشيء وزنا معينا وقافية معينة . ولكن هذا القول لا يمضى على إطلاقه . ففي حالات شعورية خاصة ، يبلغ فيها التأثر والانفعال درجة عالية ، قد تتم عملية النظم ذاتها بلا وعي كامل ، لأن الألفاظ والعبارات بطريقة شبه تلقائية . وهذه هي أجمل لحظات ، الانفعال ولا معنى لأن ينكر أحد هذه الحالة الواقعة لمجرد بناء نظريات منسقة . ولدينا من التجارب العملية عند الشعراء المعاصرين ما نستطيع الارتكان إليه . « فالصنعة » على النحو الذي يفسره بها بعض من كتبوا في الموضوع تكاد تلغي في حالات شعورية كثيرة. وإغفال هذه الحالات لا يكون إلا مجرد انسياق وراء رأى مفتعل لا يتفق مع حقائق التجارب العملية . ثم إن الايقاع الموسيقى الذي يتألف جانبه الظاهري من الوزن الخاص