صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/342

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۳۳۸ – المشترك – على قاعدة السلطنة : القسطنطينية . لو فعل ذلك لأصبح في موقف لا تسهل زحزحته عنه . فهو بهذا يفتح باب المسألة الشرقية على مصراعيه . وهذا الفتح التام يصدع أي جبهة أوربية مهما بلغ من اتحادها . أما خطة المقاومة السلبية فكانت فيها بذور الهزيمة . والنقد سهل من بعيد . وأجمل منه أن نبعث على البعد بتحية إعجاب وعطف ، للشيخ الذي صمد للمحنة مرفوع الرأس ، يستعد للوقفة الأخيرة ((--- من والده . والواقع أن البطل إبراهيم باشا بدا في هذا الموقف أشد نفاذا وربما كان للسن حكمها في ذلك الحين . ولو سارت الأمور كما أرادها إبراهيم لتغير وجه التاريخ . على أنه بدا في مواقف كثيرة أن مقدرة محمد على الإدارية التنظيمية لا تدانيها مقدرته في المعترك السياسي الدولي . وإلا لأدرك من قريب، أن الدول ان تسمح له بالإجهاز على « الرجل المريض » ولكان أشد حذرا في الاعتماد على فرنسا في بعض المواقف ، ولأنخذ طريقا آخر في مصادماته مع الدولة . وفى موقعة المورة على السواء . ا وبعد فإني أتمثل بقول الأستاذ المؤلف عن ثورات المصريين على الفرنسيين : « والتاريخ الصحيح لا يجد في الفتن الشعبية بالقاهرة والأقاليم إلا باعثا إيجابيا واحدا : هو العودة لما ألفه الناس . إن مصر أكرم على بنيها من أن يلتمسوا سندا لحقوقها في ( الدفاتر القديمة ) » أتمثل بهذه الجملة الأخيرة في موقفنا من محمد على الكبير فأقول : إن محمد على لأكبر من أن نلتمس له الأعذار في أخطائه ، وأن نعطيه أكثر من حقه في بعض المواقف . وإن له لشهادة حاضرة في التاريخ هي ذلك الملك الذي أسسه . وهى كافية وحدها أن تسلكه - بكل حسناته وسيئاته في سلك المنشئين البناة . وإننا حين نصوره بكل حسناته وكل أخطائه ، لا نزيد على أن نكشف عن «العنصر الإنساني » فيه ، بأجلى وأفضل مما نصوره مبرءاً من كل النوازع البشرية ومن السقطات والأخطاء والأهواء -