صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/338

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الضرورى تدعيمها بالوثائق التاريخية ، لكي لا تبقى هكذا مجرد فرض لا يحتمل الجزم والتوكيد . وهذا لا ينفى أن محمد على « عاش ومات عثمانياً مسلماً » فالواقع أن ميوله النفسية كانت كذلك ، فاختار « رجال الصفوة » الذين يهيئهم للحكم والإدارة ا من الأتراك أو المتكلمين التركية ، ووزع الأراضي عليهم وعلى أمثالهم - كما قرر المؤلف – وظل على ولائه للدولة إلى اللحظة الأخيرة ، حتى بعد حروبه مع السلطان . ولكن هذا شيء وتبلور ذلك المشروع الضخم شيء آخر وامل الأسلم أن نفرض أن حوافز محمد على الأولى كانت في المبدأ حصوله على الضمانات ببقاء هذا الملك الذي رآه جديراً بالتعب فيه . ثم طمح وطمح . الظروف . فلما تحطمت مطامحه عاد إلى مطلبه الأول : الضمانات . وفي هذا يقول الأستاذ المؤلف بحق في ص 147 : حسن - ٣٣٤ - لا بد من الحركة » « كانت علؤه الحسرة سرة ويتقطع فؤاده أسى كلما تقدمت به السن ، وكلما خطر أمام عينيه شبيح الزوال ! زوال ماذا ؟ زوال دور الصناعة والأساطيل والمصانع والمعاهد والترع والجسور والقناطر . زوال كل ما أنشأه هو وشعبه بعرق الجبين بل بعرق الدم . أيستطيع أن يسمح بانتقال هذا التراث لباشا من باشوات السلطنة يبدده ويخربه كعادة الباشوات ؟ لا بد من الضمانات ضد الزوال .وهذا التعليل صحيح - -

وأخيراً فإننى ألمح في الكتاب ميلا إلى إعطاء محمد على أكثر مما له في بعض الأحيان ، وفي تبرئته أو الاعتذار له عن أخطائه في بعض الأحيان . ولعل منشأ هـذا أن شخصية محمد على قد استولت على إعجاب المؤلف بقوة ، فاستغرق فيها