صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/337

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- - - ا صلاحيته لتفسيراً كبر عدد من الظواهر. ولكننى أشفق من استخدام هذه الطريقة في الظواهر النفسية والأحداث التاريخية . لأن الظواهر الكونية أشياء جامدة يحكمها قانون واحد . أما الظواهر النفسية فقد يكون من التعسف أن نردها إلى مثل هذا القانون الشامل . فالفرض هنا ليس أسلم الطرق إلى الحقيقة ، ومن الخير أن نعامل النفس الإنسانية معاملة أكثر مرونة ، وألا نجزم بأن دافعاً واحداً الذي يسوقها إلى كل ما تترك وما تدع ، مهما تكن ضخامة هذا العامل فلا بد أن نحسب حساباً للأسباب القريبة ، والعوامل الموضعية ، والظروف الوقتية . كما نحسب حسابا للنزعات النفسية الصغيرة الدقيقة المتجددة غير الجامدة ولا الدائمة . تلك النزعات التي هي من خصائص « النفس البشرية » وأحسب أننا قد تكون أقرب إلى الصواب لو قلنا : إن مطاميع محمد على كانت - ترتقى كلا خطا خطوة . والطبيعي أن يطلب في أول عهده مجرد الاستقرار في ، فلا يعزل بعد فترة وجيزة كما كان حال الباشوات قبله ، وأن يعمل لهذا الاستقرار ، فيتخلص من مناوئيه ، وينظم الإدارة ، ويبدأ في مشروعات عمرانية ومالية وعلمية . حتى إذا دانت له مصر طمح إلى إحياء البحار العربية – كما يذكر الأستاذ المؤلف – فإذا تهيأت له حملة الحجاز بادر إليها ، ثم أعقبها بحملات السودان اعلاقتها بشواطئ البحر الأحمر لا بمنابع النيل ( كما يقرر المؤلف حقا ) ثم .... ثم .. وهكذا حتى ارتقى مطمحه أخيراً إلى هذه الفكرة الضخمة : فكرة إحياء العالم العثماني . أما أن يكون هذا المشروع الضخم وليد الأيام الأولى في خاطره فيبدو فرضاً بعيداً . أو هو على الأقل مخالف – كما يقرر المؤلف الكبير - لأقوال المعاصرين لمحمد على ولمؤرخيه الحديثين على السواء ، فهو في حاجة إلى إثبات ، والمستندات والوثائق تنقصه . وعلى هذا يبقى مجرد فرض لا يحتمل الجزم والتوكيد وبما أن هذه النظرية هي قوام الكتاب وقاعدته الأساسية ، فلقد كان من مصر هر - .