صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/323

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۹ - وظيفة عمر فيه ، ومن حدود هذه الوظيفة . وهي التعبير عن طبقة خاصة في العصر لا عن العمر كله على السواء ، ليبحث عن طبيعة غزله ؛ فهو غزل البدوى المتحضر ، غزل الفطرة التي تخلقها الحياة في مكة ، وقد فارقتها الحكومة والسلطان ، ولم تفارقها الثروة والسراوة . ثم يدلف إلى الحديث طبيعة شعره ، فيفرق في وضوح ويسر قامسهما ، بين طبيعتين من طبائع شعراء الغزل : طبيعة المحب الذي يتوجه بحبه إلى تكاد المرأة الواحدة في الوقت الواحد ، و « يفرزها » بحبه من بين جميع وطبيعة اللاهي الذي يتغزل في الأنثيات ، وينصرف همه إلى المناوشة والمعابنة ويكون عمر من الفريق الثاني ، حين يكون عروة وكثير وجميل من الفريق الأول . وهو فصل من أمتع فصول الكتاب هذا المتاع لا يتضمنه ذلك الفصل لأنه يذكر أن طريقة عمر وإخوانه الغزليين غير طريقة عروة وإخوانه العذريين ، ولكن لأنه يوضح الفارق الإنساني الحاسم بين طبيعة هؤلاء وطبيعة هؤلاء : . « لأن علاقة رجل بامرأة واحدة يبقى على حبها زمنا طويلا أو يبقى على حبها مدى الحياة هي حادث لا يتكرر كل يوم ، ولا بد فيه من عامل الشخصية التي تفرز المرأة من سائر النساء ، ويصح أن يقال : إن هذه العلاقة « إصابة حب » كسائر الإصابات التي يتعرض لها الإنسان فتطول أو لا تطول ، وتصيبه وهو مستعد لها أو تصيبه على غير استعداد ؛ فإنما المهم في تمييزها أنها إصابة عارضة ، وحادث من عوارض الأحداث « أماحب الغزل بالنساء عامة فهو مزاج يلازم صاحبه ملازمة الأمزجة للطبائع ولو لم يتصل بنساء معروفات ، فهو مخلوق على هذا المزاج كما يخلق الإنسان بلون من الألوان أو صفة من الصفات .