صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/315

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۱ - والفن يستلزم تلاقى قوتين : قوة العبقرية الخالقة ، وقوة الزمن . والشاعر أو الكاتب أو الفنان يسمو فنه ويتسع أفقه إذا عرف أشياء قيمة عن الحياة والدنيا قبل أن يتناولها في فنه ؛ والتفكير الفلسفي يجدى على الأدب ويزيد ثروة الخيال ، ويعين على إطلاق العقول من قيود الأهواء والنعرات ، وتصفيتها من شوائب التعصب والضيق ؛ وتأمل عظمة الكون وجلاله ، يكسب الفكر عظمة وجلالا . وقد تخفق الفلسفة في معالجة مشكلات الحياة ومسائل الوجود ، وربما كانت تلك المشكلات والمسائل من وراء طاقة عقولنا المحدودة ؛ ولكني أعتقد أنها توفق على الدوام في شيء واحد ، وهو أنها ترينا أن الكون أرحب ممـا نقدر ، وأعظم مما نرى » وهذه كلمات جيدة ، وهى تعطى القاري فكرة عن طريقة المؤلف في تناول موضوعاته ؛ وفكرة عن نظرته للحياة والأدب والفلسفة أيضاً . وهي جديرة بأن تفتح أعين الأدباء الخالقين من الشعراء والقصاصين وغيرهم على أن الموهبة وحدها لا تكفى ، فلا بد من التزود والاطلاع ، لا في موضوع فنهم وحده ، ده ، ولكن في محيط أوسع ، يشمل الفلسفة فيما يشمل . ومع أننى أنا شخصياً ممن يدعون إلى تخليص الفن ، والشعر خاصة ، من ربقة الذهنيات ؛ إلا أن القصد والاعتدال والدقة في بيان الأستاذ أدهم لمنطقة الفلسفة ومنطقة الفن في مقدمته وفي الفصول التي تلتها ، تجعلني أتفق معه في وجوب تنوع الدراسات والثقافات لمن يريد أن ينشى" فنا ذا قيمة إنسانية . وكل ما أبديه من تحفظات ألا تظهر الذهنية ، وقد أغالى فأقول : بل هو الفكرية . في العمل الفني ، وبخاصة الشعر الذي أحب له أن ينطلق مرفرفاً متخففاً من أثقال الذهن المقيد ، والفكر الواعي على قدر الإمكان . t