صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/310

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۰۶ - الشرقية في الموسيقى ، فيه الإرنان المتوازي أو المتقابل . ولكن تنقصه الموجات العريضة العميقة ، وتنقصه الرفرفة الخفيفة والاندفاعات الطليقة، وهو على أية حال ليس إلا لونا واحداً من ألوان الإيقاع ، لا يصلح لجميع الأحوال . والتناسق الحقيقي اتفاق صورة الكلام وإيقاعه مع طبيعة الشعور الذي انبعث عنه ، والجو النفسي دو الذي يصوره . وهو بهذا الوضع جزء من دلالة العبارة كالمعنى الذهني سواء والسجع والازدواج لا ينفسحان للتعبير عن جميع الصور النفسية . ثم نصل إلى الحديث عن القرآن وأنا الذي ألفت كتابا كاملا عن « التصوير الفني في القرآن » وأبرزت سمة ا « الإيقاع الموسيقى » في هذا التصوير ، لا أتردد في الجهر بأن القرآن لم يستخدم السجع والازدواج في كافة أغراضه ، بل استخدمهما في المواضع الخطابية التأثيرية وفى هذه المواضع وأمثالها دون سائر الأغراض بحسن السجع والازدواج . فإذا خطر لنا أن نتأثر أسلوب القرآن ، فلنعرف مواضع كل طريقة من طرق الأداء فيه . ولنفرق بين السمات المطردة فيه ، والسمات الخاصة بموضع دون موضع فطريقة التعبير بالتصوير سمة مطردة . أما الايقاع في السجع والازدواج فسمة موضعية ومن هنا يأتي الخطأ لجماعة ممن يمن لهم تقليد أسلوب القرآن في العصر الحديث . فهم لا يقلدونه في طريقة التعبير بالتصوير ، ولكن في طريقة تركيب الجمل وتنسيق العبارات . ولقد دعوت مرة إلى التأثر بطريقة الأداء القرآنية ، وعنيت بها الصور والظلال وتجانس الصور والإيقاع . ولكني لم أعن تركيب الجمل على النسق القرآني في كل المواضع والموضوعات . وهناك أساليبه الطليقة التي استخدمها للشرح والتقرير ، والأساليب التأثيرية التي استخدمها في مواضع خاصة تصلح لهذه المواضع ، ولا تطرد في كل المواقف . وهذا مفصل القول في هذا الموضوع الدقيق . .