صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/300

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۹۶ - وقد تحدث الأستاذ عن الأصالة والخصوصية في الأسلوب حديثاً في غاية الجودة والصحة حين قال في ص ۸۲ : « يراد بالأصالة في الأسلوب بناؤه على ركنين أساسيين من خصوصية اللفظ وطرافة العبارة ، وتلك هي الصفة الجوهرية للاسلوب البليغ ، والسمة المميزة للكاتب الحق ، وملاك الأصالة ألا تكتب كما يكتب الناس ، ملاكها أن تكون أصيلا في نظرتك وكلمتك وفكرتك وصورتك ولهجتك ، فلا تستعمل لفظاً عاما ، ولا تعبيراً محفوظاً ، ولا استعارة مشاعة . ولعلك قرأت فيها قرأت كلاماً يرضى اللغويين ويعجب النحاة ، ولكنه مضطرب الدلالة ، مختلف الألوان ، تفه المذاق ، لا تستقله روح ، ولا تمثله صورة ، ذلك هو الأسلوب الذي صدر عن الذاكرة ، ولم يصدر عن الذهن ، ونقل عن الناس ولم ينقل عن النفس وعبر بالجمل لا بالكلمات ، وأبان بالتقريب لا بالدقة ، وصور بالسوق المبتذل لا بالأصيل المبتكر » 6 وكان من حق الأصالة في الشعور والتفكير أن تنال من الأستاذ مانالته الأصالة في الأسلوب والتعبير ، فالمعاني والأحاسيس ليست شائعة ملقاة على جانب الطريق ، وإلا فأين تذهب الطبائع الأصيلة الممتازة التي ترى الدنيا والأشياء بعين خاصة ، فإذا هي تعيش في كون خاص بها من صنع أحاسيسها وتفكيرها ؟ تلك فلتة فلتات الحماسة للبلاغة من صاحب « دفاع عن البلاغة » يرد بها الغلو" في إنكار قيمة التعبير ، فيجعل المزية كلها للتعبير على أن الأستاذ يعود فيضع الأمر في نصابه إلى حد كبير في ص 78 حين يقول « خلص لنا من تخض هذه الأحاديث أن الأسلوب الفنى يتكون من الصورة والفكرة ، كما يتكون الماء القراح من الهدروجين والأكسجين ، وكما استحال في فن الطبيعة أن يتكون الماء من أحد عنصريه ، فقد استحال في .