صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٢٦ - « كانت الدراهم في الكيس جد" قليل « وكم طال بي النظر ، وكم طال بي الوقوف « على أشياء في السوق لا تنال م تغير الزمن اليوم فلو أردت الشراء لاشتريت « هنا الدراهم في الكيس ، وهناك أشياء الأمس في السوق « ولكن ابن يا ترى ذلك الفتى المحروم ؟ « طالما شكا قلب الإنسان لأن ( اثنين واثنين أربعة ) « لا هي ثلاثة كما نودها حينا ، ولا هي خمسة كما نودها بعد حين « وأحسبه سيشكو إلى آخر الزمان(۱) » . فيبدأ أولا بأن يصحبنا معه إلى السوق أوائل عهده بالأسواق ، حيث نلاحظه هناك يتطلع إلى ما هناك ، ويقف ويطول به الوقوف ، وحيث نلمح شعوره بالحرمان ولهفته على الوجدان ... ثم يصحبنا مرة أخرى إلى هذه السوق ، والدراهم في الكيس كثيرة ، ولكنه يدعنا نلمح موت الرغائب في نفسه ، وانطفاء التشويق في حسه . وقبل أن ينتقل بنـا إلى عرض آلامه من قسوة الواقع المادي الجامد الذي لا يساير الرغبات الانسانية المتحولة ، نكون نحن قد استشعرنا معه هذا الشعور ذلك لا يلقى إلينا شعوره الأخير قضية ذهنية عامة ، بل قضيـة جزئية وهو مع مفردة « طالما شكا قلب الإنسان لأن اثنين واثنين أربعة ، لا هي ثلاثة كما نودها حينا ولا هي خمسة كما نودها بعد حين» فكاننا لا نزال أمام تجربة جزئية نعانيها ، لا أمام قضية ذهنية تنتهى إليها . وقد لقينا إنسانا يعاني هذه التجارب الجزئية ، وتركنا إنسانا شاركناه هذه التجارب خطوة خطوة . (1) ترجمة الأستاذ العقاد .