صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٤ - وهذا ينطبق على الشعر - كما ينطبق على القصة – بوجه خاص . فالتفصيلات وتصوير الانفعالات الجزئية ، ورسم الطريق التي مرت بها الأحاسيس النفسية ، والتصورات والخيالات التي صاحبتها أولا ، فأولا هي المادة الأساسية وهي السمة التي تضمن الاستمتاع الكامل بالأثر الفنى دون إغفال للمقومات الأخرى المتعلقة بالموضوع ذاته ، وبنوع الإحساس ومداه وعمقه وسعته وصدقه ، وكلما كان الشعر أقرب إلى طريقة القصة في سرد الانفعالات والأحاسيس المتتابعة وتصوير جزئيات الشعورات والتصورات المصاحبة لها ، كان أسرع إلى إثارة الوجدانات المائلة في نفوس القراء ، وأنجح في أداء مهمته ، وأقرب إلى طبيعة الفن منه إلى طبيعة العلم أو إلى طبيعة الفلسفة . ( ولست أعنى أن يكون الشعر قصة . ولكن أريد بالضبط أن يسلك طريقها في العناية بجزئيات الأحاسيس وبصور الانفعالات وبرسم الجو النفسي المصاحب لها في الطريق . وبتعبير آخر أن يكون هو قصة الأحاسيس والانفعالات التي يتناولها ! ومن طبيعة أن يكون الشعر قصة الأحاسيس والانفعالات ، أن تكون عنايته بالصور والظلال أكبر من عنايته بالمعاني والقضايا فهذه القصة ستسجل صور الحوادث والظلال النفسية التي تلقيها في الحس أكثر مما تسجل المعاني الذهنية الكلية ، المجموعة التجارب الجزئية ، والقضايا العامة التي تنتهى هذه المعاني إليها . وعلى ضوء هذه القواعد نستطيع أن ننظر في الشعر العربي ، وحين نجرد التعصب لهذا الشعر نرى أن طابع المعاني العامة المتبلورة ، والقضايا من أنفسنا من الذهنية الكلية ، هو الذي يغلب عليه و بطبيعة هذه الظاهرة في الشعر العربي تجده يميل إلى أن يلقى المعنى العام