صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/268

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٦٤ - والكتابات الأثرية ، سارية في العادات والتقاليد والأساطير التي صانها الزمن من يد النسيان ، ونقلها نقلا أمينا خلال هذه الأجيال ومع هذا لا يفتح قلبه ليسمع نداء هذه الأطياف السارية في مجاهل الأبد ، إنما يقف كالأبله أمام آثار أجداده التي تهتف به أرواحها الحية من كل مكان ، وهو عن دعائها أصم أوغفلان! وللمرة الأولى نجد في المكتبة العربية كتاباً عن مصر لها القديمة ، يرسم صورة حية شاعرة بقلم الباحث المؤرخ الأديب المرحوم عبد القادر حمزة باشا فياله من عمل فذ خالد هذا الذي نهض به ذلك الرجل لحسن الحظ قبل أن ينتقل إلى عالم البقاء .

يقول المؤلف في مقدمة كتابه العظيم : « زرت الأقصر في سنة ١٩٢٤ لمشاهدة قبر الملك توت عنخ آمون الذي كان مستر هوارد كاتر قد اهتدى إليه وكشف عنه بمساعدة اللورد كارنارفون ، فزرت في الوقت نفسه كثيراً من قبور وادى الملوك ووادي الملكات ، وزرت الدير البحرى ومعبد الكرنك ، وكنت نازلا في فندق « ونتر بالاس » فررت بمعبد الأقصر رائحاً وغادياً ؛ ولكني لم أجشم نفسي عناء دخوله . ووقع في يدى وأنا في الفندق كتاب « طيبة » للأستاذ «كابار » وقيل لي : إن ثمنه مائتا قرش فترددت في شرائه ولكنى اشتريته . ثم عدت إلى القاهرة وفي نفسي من ذلك كله أثر غامض . وقرأت الكتاب فخيل إلى أن الآثار التي مررت بها مرور الطير أخذت تتجسم أمام ناظري رويداً رويداً ، وأن الحياة أخذت تدب فيها ، فتحدثني عن مجد عجبت من أنني لم أجد في مدارس الحكومة التي تلقيت فيها t تعليمي في جميع درجاته ما يرشد إليه أو يبعث في الذهن فكرة عنه « وحفزني ذلك إلى زيارة الأقصر مرة أخرى ، فزرتها في سنة ١٩٢٦ ، والسكن الزيارة في هذه المرة لم تكن زيارة مشاهد يريد أن يمتع نظره بمناظر غريبة 6 .