صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/263

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٢٥٩ - بها علم النفس . كان فيها حقن دماء المسلمين ، وخديعة فيها منتهى حرب ، ومنتهى دماء ، إنما هي خديدة خير » ! ! ! من هذا التعليق ، ومن إشادته بمعاوية في كل موضع نحس شديد إنجابه بسياسة معاوية ، وقد عرفنا من قبل رأيه في ترفع على . ونحن نأخذ على المؤلف هذا الاتجاه الخطر . فما كانت خديعة المصاحف ولا سواها خديعة خير ، لأنها هزمت عليـا ونصرت معاوية. فلقد كان انتصار معاوية هو أكبر كارثة دهمت روح الإسلام التي لم تتمكن بعد من النفوس . ولو قد قدر لعلى أن ينتصر لكان انتصاره فوزا لروح الإسلام الحقيقية : الروح الخلقية العادلة المترفعة التي لا تستخدم الأسلحة القذرة في النضال . ولكن انهزام هذه الروح ولما يمض عليها نصف قرن كامل ، قد قضى عليها فلم تقم لها قائمة - إلا سنوات على يد عمر بن عبد العزيز – ثم انطفأ ذلك السراج ، وبقيت الكليات الظاهرية من روح الإسلام الحقيقية . لقد تكون رقعة الإسلام قد امتدت على يدى معاوية ومن جاء بعده . ولكن بعد روح الإسلام قد تقلصت ، وهزمت ، بل انطفأت فأن بهش إنسان لهزيمة الروح الإسلامية الحقيقية في مهدها ، وانطفاء شعلتها بقيام ذلك الملك العضود فتلك غلطة نفسية وخلقية لا شك فيها على أننا لسنا في حاجة يوما من الأيام أن ندعو الناس إلى خطة معاوية . فهي جزء من طبائع الناس عامة . إنما نحن في حاجة لأن ندعوهم إلى خطة على" ، فهي التي تحتاج إلى ارتفاع نفسي يجهد الكثير بن أن ينالوه . وإذا احتاج جيل لأن يدعى إلى خطة معاوية ، فلن يكون هو الجيل الحاضر على وجه العموم . فروح «مكيافيلي» التي سيطرت على معاوية قبل مكيافيلي بقرون،