صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/251

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٤٧ فالشطر الأول من هذه القضية صادق نافذ دقيق ، وهو يتضمن لفتة بارعة إن لا يكن الأستاذ جبرى هو أول من يتنبه إليها ، فهو - في اللغة العربية - أول من يبرزها في هذا التبلور الحاسم في بضع كلمات . لقد اعتدنا أن نتحدث عن « الشخصية » كأنها كل" متماسك ذو طابع دائم واعتدنا أن ننتظر هذه الشخصية استجابات معينة للمؤثرات المتعددة ، تتفق مع هذا الطابع ... ولكن الملاحظة الدقيقة الشاملة لتصرفات كل شخصية تهدى إلى أن هذا الطابع ليس أبديا ، وليس جامدا . فهناك حالات كثيرة نسميها حالات شاذة في حياة هذه الشخصية ، وهي في الواقع ليست شاذة . إنما هي جزء من هذه الشخصية أصيل فيها كالأجزاء التي نعدها طبيعية بالقياس إليها وكل ماهنالك أنها حالات كامنة لا تنكشف إلا في مواعيدها . وقد تكون على نقيض الخصائص الشائعة عن شخصية معينة وأحسب أن هذه الملاحظة النافذة تهم المتخصصين في « علم النفس » كما تهم كل دارس للشخصيات في مجال التاريخ أو الأدب . والتطبيقات عليها تؤلف فرعا من « علم النفس » تلذ دراسته وتشوق أما الشطر الثاني الذي يقول فيه : )) >> « فاذا جهل رجال السياسة هذه الخفايا النفسية ، فان جهلهم يؤدى إلى الإخفاق في سياستهم . . . الخ » . فنحسبه يحتاج إلى دقة في العبارة ، بل إلى دقة في النظر، فليس المهم أن يعرف رجال السياسة هذه الخفايا النفسية أو يجهلوها ، إنما المهم أن يدركوها ، وأن يستطيعوا التصرف المناسب في اللحظة المناسبة وفق ما يدركون ! وإلا فالمعرفة وحدها لا تكفى . وكم من أناس يعرفون الدوافع النفسية ، ثم لا يعرفون التصرف المناسب . أو يعرفونها ويعرفون التصرف المناسب ، ولكنهم