صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۱ - طريقة الأداء في الفن من طبيعة الحس أن يتلقى المؤثرات فرادي ، وينفعل لكل مؤثر يتلقاء انفعالا مباشرا ، فلا ينتظر حتى يتقصى المؤثرات ذات الموضوع الواحد ، ثم يصدر عليها حكما عاما . فهذا من عمل الذهن الذي التجارب الحسية ، ويكون منها قضية ذهنية أو قانونا عاميا ، ثم يتخذ من مجموع القضايا والقوانين التي يصل إليها في موضوع واحد أو عدة موضوعات ، مذهبا أو فلسفة ، حسب نوع القضايا والقوانين التي يصل إليها . والفن موكل بالمؤثرات الفردية والانفعالات التي تثيرها ، والعلم والفلسفة موكلان بالقوانين العامة والمعاني الكلية . وإن كان العلم يسلك طريق الملاحظة الفردية ، ولكن لا ليقف عندها كما يصنع الفن ، بل ليصل منها إلى قانون عام في النهاية . فالتجربة في العلم وسيلة إلى غاية أكبر منها ، أما التجربة في الفن فهي نفسها مادته الأصيلة . وحين يعنى العلم بوصف مراحل التجربة ليصل منها إلى القانون ، يعنى الفن بوصف هذه المراحل لأن الوصف ذاته هو الفن الأصيل ، وحينها يصل العلم من تجاربه المتناثرة إلى القانون تفقد هذه التجارب قيمتها إلا من الناحية التاريخية ، ويصبح القانون هو المظهر البارز اللامع . أما التجارب في الفن فتبقى أبدا محتفظة بجدتها وحرارتها ، تنفعل لها النفس كلما استعيدت أو استعيد وصفها ، لأنها مادة حية مؤثرة على الدوام . ومهمة الفن الأساسية أن يعرض التجارب الإنسانية ، وهي غير التجارب العلمية طبعا ، وأن يصف جزئياتها ويسجل