صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/247

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ـــــــ ٢٤٣ ـ الحضارة الآلية التي لا قلب لها ولا ضمير ، هذه التي تنسجم في أصولها مع روح الغرب كل الانسجام . أريد الدكتور أن أضرب له مثلا على سطحية الروحانية في نفوس الغربيين وضحولة القداسة في قلوبهم ؟ إننى إذن أدعوه ليعاود في كتابه نفسه حكاية صلاة الراهب الانجليكاني بالبعثة في هذه الفقرات : « كان الخبر الهام الذي أسر به حاكم الموقع إلى رئيسنا هو أن طيارة عسكرية حملت من عدن قسيسا انجليكانيا ليقيم الصلاة في النادي البريطاني في « بيريم» ويعود في اليوم التالى . وقد ألقى الخبر إلى رئيسنا في لهجة من يقول : « إننا نترقب الليلة هجوما عنيفا من بعض القبائل الثائرة » ! « وأخفى الرئيس عنا الخبر حتى « الشوب » الثالث . ثم أبرقت أساريره ، وأعلننا به خلال غمام الذباب قائلا : - هيا بنا يا أولاد فقد حانت ساعة الصلاة . «دخلت القاعة واتخذت مقعدي في الصف الثاني . وجعلت أهمهم وأحنى رأسى مجاملة لإخوانى . ووزعت علينا كتب الترتيل. وهي ما أستريح إليه في هذه الحفلات لأنى بعد شطرين من الأنشودة أستطيع أن أشترك في الغناء مع شيء من النشاز لا خطر منه على متانة الأبنية ! « وبينما أنا في خشوعي إذ لاحت منى التفاتة إلى حائط المكان فوقعت عيناي على تلك الصور الخليعة مودة 1900 . ومع أنها خلاعة بريئة باردة إلا أن وقعها في تلك اللحظة كان كما لو أخرج لنا أستاذ الديانة صورة راقصة تلبس ملابس حواء في الفردوس . « وانتهت الصلاة بالدعاء للملك والأسرة الملكية البريطانية ، ثم رفعت