صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/227

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۳ - و بعد ، فالمؤلف يظل موفقا ما ظل في الدائرة الواضحة ، وما ظل يواجه المسائل التي يبحثها مواجهة . ولكن يعن له في بعض الأحيان أن يدخل في دائرة الرمز والإيماء ، وأن يعبر بالأمثولة أو بالأقصوصة ، بدل أن يعبر بالبحث أو بالمقال . وهنا يفارقه التوفيق ، لأنه موهوب في الطريقة الأولى وليس موهوباً في الثانية فحينها استخدم أفضل مواهبه بلغ غاية الجودة ، وحينما حاد عنها هبط وجانبه التوفيق ومن هذا الطراز الأماثيل والأقاصيص التالية : في العاصفة. والهزيمة. والقصر والمعمل . وهدية الهم . وحكاية دمعة . وواحة السلام . ورغيف وإبريق وماء . كما أن هناك بعض الموضوعات التي تهبط عن مستوى الكاتب والكتاب ، مثل مقالى : « البيادر ، والصخور » للسبب نفسه ، فليس فيهما من ميزة فنية أو ذهنية تجعلهما جديرين بالنشر في مثل هذا الكتاب ، وإن كان الكتاب قد عنون بعنوان أحدهما « البيادر » وهذا من عجائب المفارقات بين الكتاب والنقاد في بعض الأحيان ! ... وكثيرا ما يجهل الفنان أبدع نتاجه ، ويعتز منه بما هو دونه جودة كما يبدو في اختيار هذا العنوان ! ويسير تعبير المؤلف وأسلوبه في مستوى جيد يبلغ روعة الشعر في بعض المواضع ، ولكنك تعثر هنا وهناك على عبارات و تصورات يبدو تأثر المؤلف فيها بأسلوب الترجمة العربية السقيمة « للكتاب المقدس » . وهي تحجب كثيرا من الجمال الفني في هذا الكتاب . وهناك تلاعبات لفظية وذهنية تقلل من الأصالة الفنية والصدق الشعوري في « البيادر» في بعض الأحيان . ولعل هذه الظاهرة هي التي تعوق هذا الكتاب في مجموعه أن يرتفع إلى مستوى الأعمال العظيمة ، لأن القارىء بحس عندها