صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/212

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۰۸ – وأن يقص عليها قصة ضعفه ، ولكنه تريث ، وتخلصت منه في رفق ، وسألته في ارتياب : ما بك الليلة ؟ فقال : لا أدرى ، إنى إليك مشتاق كأنى لم أرك منذ سنين فقالت : أأعد العشاء ؟ فقال : انتظري حتى أصل العشاء ! ی « ودخل حجرته ، وأخذ يخلع ملابسه ، ولم ترجمه نفسه المهتاجة ، بل راحت مخزه ، فسمع صوتاً يهتف به من أغوار نفسه : « يا لك من منافق ! كيف سمحت لنفسك أن تضع شفتيك الأئمتين على شفتيها الطاهرتين ؟ وكيف رضيت أن تلف ذراعيك الملوثتين بخصرها ؟ ... وأن تلصق صدرك الخبيث بصدرها ؟ يا لمارك ! » . ثم يعتزم التوبة والتكفير بألا يلقى بديعة مرة أخرى ، ويصر على ذلك إصراراً ونفسه تهتف به إليها هتافا ، ويصمد في الظاهر وهو يقرب من الخطيئة الكبرى ... ثم تقع هذه الخطيئة في أشد لحظاته إصراراً على ألا يلمح « بديعة » « واستمر ضميره يخزه وخزاً شديداً ، وهو أو يراها ! . ثم يصبح الصباح ! يتلوى من العذاب ، وضاق صدره فترقرق الدمع في عينيه فلم يستطع حبسه ، فجرى على خديه ، واستمر في عذاب حتى ارتفع صوت المؤذن يؤذن بالفجر . فأحس كأنه نار تصب في أذنيه . فوضع إصبعه في أذنه ليصمها عن سماع الأذان الذي يزيد من أشجانه ، ولكن صوت المؤذن كان يقرع فكانه شواظ من نار سددت إلى قلبه فحرقته حرقا ، وارتفعت النار إلى صدره فأضئته ، وأحس « سميرة » تنهض من فراشها ، فأحس عرق الخجل يتصبب منه حتى يغمره ، واقتربت من سريره فود أن تبتلعه الأرض قبل أن تمسه ، ولكن يد « سميرة » لمست كتفه سمیه ... )) في رفق ، وهمست في حنان : – صلاح ... صلاح ... انهض قد أذن المؤذن « فهم بأن يصيح فيها أن تبتعد عنه ، وألا تلمسه ، ولكن صوته انحبس ، ولم يجد مخرجا . فعادت تهزه وتهتف : صلاح قم . الصلاة خير من النوم .