صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/199

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- وروني أجمص فقوة . حتك لهوة يا بعيد سلبوه في حاله دا غلبان . ربنا يتوب عليه . ه أشباح الميدان الحزينة المتعبة يحركها الآن نوع من البهجة والمرح . ليس ی في الدنيا هم ، والمستقبل بيد الله . تتقارب الوجوه بود ، وينسى الوجيع شكايته ويبذر الرجل آخر نقوده في الجوزة أو الكتشينة ، وليكن ما يكون ! تقل أصوات اصطدام كفف الموازين ، وتختفى عربات اليد ، وتطفأ الشموع داخل المشنات ! عندئذ تنتهى جولة إسماعيل في الميدان . هو خبير بكل ركن وشبر تلفه الجموع فيلتف معها ، لا يفاجئه نداء بائع ، ولا ينبهم عليه مكانه وحجر كقطرة المطر يلقيها المحيط » . أرأيت كيف يصور المؤلف بلمسات ريشتة السريعة النبض ، المتوفرة الحركة المكان والوجوه والنفوس ؟ أرأيت كيف تطل عليك الروح المصرية واضحة بتسامحها وإيمانها واتكالها وهمومها وأحزانهـا ومرحها وفكاهتها من خلال السطور مشهد سكران « خمارة أنست » وحده وتعليق الناس عليه يعطيك حقيقة هذه الروح : التسامح والرحمة : « سيبوه في حاله دا غلبان » العطف والإيمان والرجاء في الله « ربنا يتوب عليه » الألفة والمودة : « حتك صور - -1901 ... ( لهوة يا بعيد » إنه ليس ميسوراً لكل قصاص أن يوفق هكذا في يسر وسرعة إلى تلك اللمسات السريعة ، التي يخيل إليك أنها جاءت عفواً لخاطر بلا تعب ولا تفكير ولا تنسيق ! وفى الصورة كثير من هذه اللمسات البارعة التي لا تتهيأ إلا لفنان موهوب .