صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/19

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-10- وتبعا لهذا الاختلاف في الرصيد النفسي المخزون ، تكثر الصور التي يشعها اللفظ أو التعبير عند القارىء أو تقل . ويقوى أو يضعف استعداده لتلقى صـور النفوس ، وأنماط الشخصيات . ويتسع أو يضيق إدراكه لأطياف الجمال التي تموج بها الفنون كما تموج بها الحياة . وتخلص من هذا إلى النتيجة الأولى التي أعنيها من مقدمات هذا البحث وهي : أن حق الناقد في الحكم على صحة الحالات النفسية والصور الفنية رهن بالنسبة بين رصيده ، ورصيد الفنان من الآفاق النفسية ، والتجارب الفنية على السواء . . ذلك أن الفنان قد تزخر نفسه بصور وحالات ليست شائعة ، لأنها من خصوصياته أو امتيازاته ؛ وقد يختار من صور الأداء ما يتسق مع صور الإحساس فيجيء ناقد لم تهيأ طبيعته لإدراكها ، أو لم يقرأ لها نظيرا في الأنماط السابقة ، فيرى خطأ في التصور والإحساس ، أو انحرافا في التصوير والأداء . بينما هي من مطالب الحياة الأصيلة من ذلك الفنان ، للتنويع في الأنماط والألوان ! ونسمع أحيانا أن بعض النصوص أو الآثار الفنية صعب الفهم عند الكثيرين . وهنا يجب أن نقف لنسأل عن نوع الصعوبة . فهناك صعوبة منشؤها التعبير . وصعوبة منشؤها التصور . والصعوبة الأولى سهلة ميسورة الحل ، وعلاجها هو المعجم والدراسة اللغوية ، والاطلاع على طرق التعبير المختلفة . أما الصعوبة الثانية فهي المسيرة حقا ، لأنها تتعلق بما هو أعمق من الألفاظ والعبارات ذلك أن خصوصية الصور النفسية والحالات الوجدانية قد تحتاج إلى طبائع خاصة ذات رصيد إنسانى وفنى ضخم ، يؤهلها لاستيعاب ما ترمز إليه النصوص ،