صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/185

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۸۱ – أثيمة ما يختلج في صدره من ثورة ، وما يلوح على وجهه من اضطراب وضيق « ولقد كان . فما لبث أن اربد محيا الفتى ، فانفجر يرد على تسائل أبيه قائلا : ... بلا جدال ثم انثى إلى حجرة المكتب ، وأغلق من خلفه الباب . ولو انتظر لرأي بسمة السعادة الأثيمة ترتسم على شفتي أحمد باشا خورشيد ، ولسمعه يتمتم قائلا : ستری » . .

ـ منذ الصفحة الأولى – الخطوط الأولى هكذا يبدأ المؤلف قصته فيرسم في ملامح هذه الشخصيات الثلاثة التي هي محور القصة جميعا : مليم ، خالد ، أحمد باشا خورشيد . ويرسم لهذه الشخصيات الثلاثة طريقها كذلك - لا طابعها وحده – فليم « ينطلق في طريقه دون التفات وهو يضرب الأرض في عزم وإصرار». تلك طريقته أيضا في جميع أدوار القصة ! وخالد « يريد محياة ثم ينفجر وهو يرد على أبيه ، ثم ينثنى إلى حجرة المكتب ويغلق من خلفه الباب » . تلك أيضا طريقته في مستقبل الحياة : انفعال وانفجار ثم انزواء واعتزال ، واضطراب دائم بين هاتين الخطتين حتى ينتهى الصراع . وخورشيد باشا « داهية مراوغ يلذ له شعور القوة الذي يدفع بالقط إلى العبث بفريسته قبل التهامها ... وهو يرقب في سعادة أنيمة ما يختلج في صدر ولده من ثورة وما يلوح على وجهه من اضطراب وضيق » . تلك طبيعته وهذه طريقته في القصة وفى الحياة ! هو استهلال بارع ، كما ترى وهي ريشة ملهمة تضع الخطوط الأولى ، فتشير إلى الخطوط الأخيرة ... وقد يبدو أن القصة لم تسر في جميع مراحلها بهذه القوة وبهذا الوضوح ... فيجب أن نلتفت إلى أن القوة والوضوح ليسا من أهداف المؤلف . وأن