صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/128

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

« قال سليم : فإنك تعلمين أن « نفيسة » لا تصلح له زوجاً ، ولا تقدر على عشرة الرجال ، فما ذنب خالد إن اعترف بالحق الواقع ؟ وهل ترين له أن يعيش مع مجنونة أو أن يفرض على نفسه حياة الرهبان ؟ قالت : لا أدرى ! ولكن جنون نفيسة لم يأنها من قبل نفسها ، وإنما جاءها من هذا الزواج الذي لم ترده ، ومن هذه الظروف التي لم تخلقها ورحم الله أم خالد إذ قالت لزوجها : إنه إن أتم هذا الزواج فلن يزيد على أن يغرس في داره شجرة البؤس - ١٣٤ - . « لقد غرست شجرة البؤس ، فنمت وآنت عمرها بشعاً خبيثا . امرأة ترزا في زوجها وابنتها معاً ، ثم ترى ابنتها وقد اصطلح عليها المرض وهجر الزوج والحرمان . فأنت تعلم أن نفيسة ليست ميسراً عليها في الرزق ولست ألوم أحداً . ولكنها فقدت ثروة أبيها ، وتفرقت ثروة على في أسرته الضخمة ، وخالد لا يرزقها إلا كما يستطيع. ثم لم يكفها هذا كله فقد رزقها هذا الزواج السعيد صبيتين ، كان من حقهما أن تنشأ في النعمة ، فهما تنشـآن في البؤس ، بين أم مريضة وجدة محزونة ، ومولاة سوداء تقوم من أمرهما بما تستطيع القيام به ، وأب ينفق الأسبوع دون أن يراهما ... كل هذا لا يكفى . فلا بد أن يتزوج خالد ومن أن يتخذ لأمهما ضرة ، ومن أن يكون له من هذه الضرة بنون وبنات يشاركونهما في حب أبيهما وبره .. فهذه الفخامة كلها في أسلوب امرأة عامية ، وهذا الاقتباس من الأساليب العربية القديمة ، أمر قد تختلف في شأنه مع الدكتور ! ثم تبقى ملاحظة أخيرة لإبرازها شأن كبير . ( ... . إن الفوارق بين ملامح هذه الشخصيات البسيطة الساذجة في واقع الحياة ا فوارق قليلة ودقيقة . فكلهم طيب ، وكلهم مؤمن بالله ، مستسلم للقدر ، مستسلم للشيخ الذي يصلهم بالله وينطق بلسان القدر . وكلهم آفاقهم قريبة ، وكلهم