صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/127

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۱۲۳ ولا يرضيه ، فهو يسخر من أخيه هذا ومن زوجته وأولاده ، ولا يفتأ يذكرهم بمنشئهم ، كلما زارهم في المدينة ، ورآهم يتكلفون ما يتكلفون! « وكان سليم أسرعهم إلى الضحك وأبطأهم في الرجوع إلى الحد ، لا يسخر من الأسرة وحدها . وإنما يسخر منها ومن نفسه كما يسخر من أي إنسان آخر وكان أشد الأشياء إثارة للغيظ في نفسه أن يرى الأسرة تعاف الماء الكدر وتحرص على ترويقه في الزير ، وتقطره في هذه الآنية تضعها تحت الأزيار، وتضع فوقها المصفاة ، كان يرى ذلك فيغتاظ ويهتاج ، ويلتفت إلى أخيه وإلى أبناء أخيه وهو يصيح فى صوته المرتفع المضحك : آه يا أولاد الكاب! من أين جاءكم هذا العز؟ إنكم لتحرمون أنفسكم خيراً كثيراً . إنكم حين تشربون هذا الماء المصفى أشبه الناس بالذين يشربون اللين بعد أن استخرج منه الزبدة . ثم يسرع إلى الكوز فيغمسه في الزير . ويعب فيه عباً شديداً ويقول : هكذا رأينا آباءنا يشربون لأنهم لم يكونوا من الترك ولا من الأرنؤوط ! . 4 4 ... وهكذا ارتسمت للقارى" لمحة من هذه الشخصيات بألوانها الطبيعية وبلغتها كذلك مترجمة إلى لغة مكافئة . فتم الانسجام فإلى القاري الآن نموذجا آخر لحوار لم يتم فيه التكافؤ ليرى القاري الفرق بين الجو هنا وهناك لسليم هذا نفسه زوجة في مثل ثقافته بل أقل ، وهي ترى أن أخاه « خالد » مهم بالزواج من امرأة أخرى بعد أن أصيبت زوجته الأولى بالجنون : تلك التي كان الشيخ قد زوجه منها وهي دميمة قبيحة شوهاء فرضى واستسلم لأمر الشيخ على الرغم من إرادة أمه التي كانت تعارض في هذا الزواج وتراه غرساً لشجرة البؤس في الدار ، ثم سخط وتألم . ثم استحالت حياته جحيها ، وهو على ذلك مستسلم مسلم . ثم هم أن يتزوج بأخرى وهنا دار الحوار بينه وبين زوجته .