صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/125

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲۱ – يصلهم بالله والسماء ، والذي ينطق بلسان القدر الخفى . والذي يتلقون ما ينطق به بالرضى والتسليم في الغالب . وبالسخط الاستسلام في النهاية – أليس القدر الله ؟ أليس الشيخ ينطق بلسان هذا القدر الصادر من الله ؟ وما ذا يملك عند العبد - إزاء الرب الواحد القهار ؟ ويضطرب هؤلاء الناس الطيبون ما يضطربون في الأرض ، يكسبون رزقهم بوسائلهم التقليدية الهينة ، ويلبون داعى الغرائز والبطون ، وداعي المجتمع والتقاليد ، وداعى القلب والروح وينجحون أو يخفقون ، ويسعدون أو يتألمون ويرضون أو يسخطون ، ثم يفيئون من هذا كله إلى ذلك الإيمان التقليدي العميق ، وإلى ذلك « الشيخ » الذي يصلهم بالله والسماء . والذي ينطق بلسان القدر الخفي ، والذي يستسلمون الله والقدر حين يستسلمون لأوامره ونواهيه ، ويطيعون إشاراته وتلميحاته ، ويجتهدون في تأويل ماخفى عليهم منها كما يجتهدون في تأويل الغيب العميق ! تلك صورة من حياة طواها الزمن – فلا رجعة لها في أغلب الظن – وهي صورة تستحق التسجيل، وقد تولى تسجيلها أنسب الأقلام لتسجيلها بين المعاصرين . ذلك أن أهم خصائص الدكتور - كما أسلفت – هو الاستعراض التصويري البطيء اللمسات وفي غير هذا المجال ربما استبطأ القارئ حركة الأسلوب ، وربما عن له في بعض المواقف أن يطلب من المؤلف الإسراع ! ولكنه هنا لا يستبطى ولا يطلب السرعة ؛ فرقعة الحياة هنا فسيحة ، والخلجات فيهاوئيدة ، وكل المطامع والمطامح وكل الأعمال والشواغل هيئة لينة قليلة محدودة . فلا داعى للسرعة ، ، ولا ضرورة للمجلة . « فالله قد خلق الدنيا في ستة أيام » كما يقولون ! ذلك اتفاق وإنه لتوفيق ! -

-