صفحة:كتاب شعراء النصرانية 1 (1890) - لويس شيخو.pdf/23

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
امرؤ القيس

فقال امرؤ القيس:     أَرِقْتُ لَهُ ونامَ أَبو شُرَيحٍ

فقال التوأَم:            إِذا ما قلْتُ قَدْ هَدَأَ اسْتَطارا

فقال امرؤ القيس:     كأَنَّ هَزيزَهُ بِوَراءِ غَيْبٍ(1)

فقال التوأَم:            عِشارٌ وُلَّهٌ لاقَتْ عِشارا

فقال امرؤ القيس:    فلما أَنْ عَلا كَنَفَي أُضاخٍ(2)

فقال التوأَم:            وَهَتْ أَعْجازُ رَيْقِهِ فَحارا

فقال امرؤ القيس:     فلم يَتْرُكْ بِذاتِ السِّرِّ(3) ظَبْياً

فقال التوأَم:            ولم يَتْرُكْ بجَلْهَتِها(4) حمارا

قال أبو عمرو: فلمّا رآى امرؤ القيس التوأم قد ماتنهُ ولم يكن في الزمن الأول شاعرٌ يُماتنه آلى ألّا ينازع الشعرَ أحداً بعده. أخبر محمد بن القاسم أن امرأ القيس آلى بالية ألا يتزوج امرأة حتى يسألها عن ثمانية وأربعة واثنتين . فجعل يخطب النساء فإذا سألهن عن هذا قلن: أربعة عشر . فبينا هو يسير في جوف الليل، إذا هو برجل يحمل ابنة له صغيرة فأعجبته. فقال لها يا جارية: ما ثمانية وأربعة واثنتان، فقالت: أما ثمانية فأطباء الكلبة. وأما أربعة فاخلاف الناقة. واثنتان فثديا المرأة. فخطبها إلى أبيها فزوَّجه إياها وشرطت هي عليه أن تسأله عن ثلاث خصال فجعل لها ذلك وعلى أن يسوق إليها مائة من الإبل وعشرة أعبد وعشر وصائف وثلاثة أفراس ففعل ذلك. ثم إنه بعث عبدًا له إلى المرأة وأهدى إليها نحيا من سمن ونحيا من عسل وحلّة من عصب، فنزل العبد ببعض المياه فنشر الحلة ولبسها فتعلقت بشعره فانشقت. وفتح النحيين فطعم أهل الماء منهما فنقصا، ثم قدم على حيّ المرأة، وهم خلوف فسألها عن أبيها وأمها وأخيها ودفع إليها هديتها فقالت له: أعلم مولاك أنّ أبي ذهب يقرب بعيدًا ويبعد قريبًا وأن أمي ذهبت تشق النفس نفسين وأن أخي يراعي الشمس وأن سماءكم انشقت، وأن وعائيكم نَضَبا. فقدم الغلام على مولاه وأخبره. فقال: أمّا قولها إن أبي يقرب بعيدًا ويبعد قريبًا فان أباها ذهب


(1) أي بظهر غيب      (2) اضاخ من قر اليمامة لبني غير. وقيل هي من اعمال المدينة. وقيل لضاح جبل. ويروى: ولما ان دنا لنقا اضاح      (3) السر اسم مكان      (4) ويروى: بجهلتها