صفحة:غابة الحق.pdf/79

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أدبية؛ فالطبيعية تدعى مَلَكات، والأدبية عادات. وجميعها يرجع إلى التطبع لأنه الأصل لجميع هذا الباب؛ ولذلك يجب عليه أن يكون المدار. فنقول إن الإنسان حينما يولد على الأرض يكون خاليًا من جميع العوائد والأخلاق جيدة كانت أو رديئة، ولا يوجد فيه شيء سوى الاستعداد إلى التطبُّع، فإذا كان استعداده جيدًا مالَ إلى قبول الجيد، وإذا كان رديئًا مال إلى قبول الرديء. فلا يوجد لتحسين العادات والأخلاق الشخصية أهم من إخضاع الاستعداد الإنساني منذ نعومة الأظفار إلى التطبع بالطبائع الحسنة والتخلُّق بالأخلاق الجيدة. على أنه في هذه المدة من الحياة تكون الطبيعة شديدة الخضوع لقبول التأثيرات والانفعالات؛ فلذلك كل عادة وُجدت في الحداثة ولم تستدرك طبعت أثرها على الفطرة وكانت مَلَكة عند الكبر لا تسمح باستئصالها إلا تحت مشاقِّ التعب الزائد وهكذا كل خلق. ومتى حصل الانتقال إلى سن البلوغ فصاعدًا صار التطبُّع صعبًا جدًّا على الطبيعة ولا يعود للمَلَكة سلطان عليها، بل تصير خاضعة لغلبة العادة التي ليس لإزالتها صعوبة. أما كيفية ذلك الإخضاع للاستعداد الإنساني، فهي تتم بإمالة الأميال عن التطبعات بالعوائد والأخلاق المنكرة وإلحاقها بالمقبولة، ولا يمكن التسليم بكون الشخص متمدنًا ما دامت عوائده وأخلاقه غير موافِقة لما يقتضيه التمدن من التعود والتخلق.

فلا يتفق التمدُّن مع مَلَكة السكر؛ لأن ذاك يطلب تقوية أفعال