صفحة:غابة الحق.pdf/142

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المحال، ثم التفتُّ إلى جهة الغرب لعدم اهتمامي بما سمعته، وإذا مدٌّ من الاخضرار يتموج من جانب الأفق وكأنه يهم أن يندفق على كل تلك القفار اليابسة، فشملني العجب للحال وأخذت أشخص في هذا المظهر العجيب ذي الجمال الغريب، وبعد أن تفرَّست قليلًا سمعت صوتًا يدوِّي من خلال الغمام وينادي قائلًا: أبشري أبشري يا برية أرام القديمة، وافرحي وابتهجي يا شهباء سوريا، فها العناية الملوكية مقبلة إليك، والمراحم السلطانية هاجمة عليك؛ فلا عاد يفترسك المحل أو يهتك بك الإهمال. فلما سمعت هذا النداء الكريم طفقت أرجف من شدة سروري وفرحي، وقلت: لا شك ولا ريب في قدوم الخير والرخاء إلى هذه الديار المستعدَّة لقبول كل إصلاح؛ لأنها قد وقعت تحت أنظار عناية حضرة ذي الشوكة والاقتدار عبد العزيز خان دام ملكه مدى الدوران، وقد تشرفت بنعمته وجودته. ومما شملني من الاندهاش أثبت نواظري في متن الأفق، وبينما كنت مشخصًا فيه رأيته قد استحال إلى بحر من النور الساطع وأخذ يتلألأ كالشمس. الضاحية في السماء الصاحية، وإذ لم يعد يمكنني النظر إلى هذا المشهد المنير أغمضت أعيني على غشاوة الانبهار، وأخذت أضرب في أودية الهواجس، ولما فتحت أجفاني وجدت نفسي مضجعًا على فراش النوم تحت سماء اليقظة.