صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/90

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ليعجبني أخوك هذا يوم القيامة بمكانه من االله إن شاء االله تعالى. فبكى أخي حتى سقط على وجهه وهو واقف ينظر إليه. ثم قال يا ابن جابر لأني أنظر إلى استبشار الملائكة ببكائك. فغشي على أخي فحمل. ثم قال يا سيف بن جابر اخزن لسانك، كما تخزن دراهمك. وإذا أعجبك الكلام فاصمت. قال: فقلت له اجلس وما أقول لك إلا لآنس بك. قال:

أقول يا ابن جابر ما قال نبيه أيوب عليه السلام «رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» فما بقي منا واحد إلا بكى ! فقال: ما يبكيكم ؟ أليس يكفي لي خيرًا مما أخذ مني حبه وحب أنبيائه وصالح عباده وتقديم أبي بكر وعمر رضي االله عنهما ثم ولى هاربًا. 

قال سيف بن جابر خرجت يومًا إلى الجبانة في جنازة فلما دفناها جعلت أدور في المقابر فإذا أنا بعبد الرحمن بن الأشعث جالس بين قبرين واضع خده على ركبتيه وهو يقول: شردتني في البلاد، وطيرتني في الجبانين، وآنستني في القبور. ثم قال: استغفر االله أما اني أعلم أنك مأمورة ولو عصيت االله سلط عليك من هو شر منك علي. قال فقلت يا عبد الرحمن من تكلم ؟ قال هذه المسلطة علي. قلت ومن هي ؟ قال المرة1. قلت فلو دعوت االله سبحانه رجوت أن يذهبها عنك. قال يا ابن جابر ! ربما دعوت االله وربما سمع. وهو الفعال لما يشاء فإما دعائي فاستغاثة باالله وإما إمساكي فتسليم لأمر االله ورضى بقضائه. قلت أفلا أجلس معك ُأؤنسك ؟ قال لي لا. قد جعل االله تعالى أُنسي في الوحدة. كما جعل ُأنسك في حلق الفقه. ثم قال يا سيف ابن سوار ! أليس يروى أن مورقًا العجلي قال أني لأسأل االله تعالى حاجة منذ عشرين سنة، ما ُأعطيتها، وما يئست منها. قلت بلى.


  1. المِرّة عند الأطباء خلط من اخلاط البدن وهي الصفراء لأنها اقوى الأخلاط.