صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/89

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

إلا عند الجوع، فقال عمران: علي بالمائدة. ثم قال: هلم وقال: هذه التي قال االله تعالى في كتابه حكاية عن نبيه عليه السلام " ربنا أنزل علينا مائدة من السماء " قال لي: يا عبد الله ! هذه فطن العقلاء، وأذهان الحكماء. ثم أقبل على عمران وقال: أيها الأمير ! ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا. فأنا مسكين يتيم أسير في حبس شيطان قد وكل بي، أعاذني الله منه. ثم أقبل على الطعام فإذا فتى ينشد شعرًا: 

إن الصنيعة لا تكون صنيعةًّ
حتى يصاب بها طريق المصنع

فقال أبو الديك: كذب الشاعر لا يكون المعروف معروفًا حتى يصرف في أهله، وفي غير أهله، ولو كان لا يصرف إلا في أهله، كيف كان ينالني منه شيء. وأنا معتوه، وكنيتي أبو الديك.  

عبد الرحمن الأشعث

قال سيف بن سوار قاضي واسط: كان عبد الرحمن بن الأشعث الكوفي جارًا لنا، وكان جميلاً وسيمًا من أمثل أهل زمانه، وكان يقدم أبا بكر وعمر رضي االله عنهما وكان أهله على غير ذلك ثم غلبت عليه المرة فأحرقته وطيرته وكان إذا خرج من بيته أولع به الصبيان يؤذونه ويقولون: يا ذحموية فلا يجيبهم. وإذا قيل له يا عبد الرحمن قال لبيتكم أنا عبد الرحمن. فرأيته يومًا والصبيان يرمونه بالحجارة فقلت له ارميهم وكفهم عنك قال لا أفعل يمنعني من ذلك خصلتان خوف االله عز وجل وأن أكون مثلهم. 

فمر بي ذات يوم وأنا جالس أقرأ كتاب الصلوات لمحمد بن الحسن وكان أخي إلى جنبي وكان مكتوفًا أسن مني وكان أحد الصالحين فقلت يا عبد الرحمن لو جلست فسمعت. فقال وكيف يا ابن جابر إنما يصيد كل طائر قدره. ثم قال يا ابن جابر لئن أعجبت بحالك عندها ولا الذين حولك