صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

سئل مجنون بني عامر: كيف كان سبب عشقك لليلى؟ قال: بينا أنا في عنفوان عزتي وريعان صباي أسحب ذيل اللعب وأرمي الكواعب من كثب، أصبو إليهن فيفترقن، وأهزأ بهن فلا ينتصفن، إذا اعتقلتني حبائل فتاة من عذرة فذهلني حبها، وتيمني عشقها، وإذا جذبة جذبتني فمن أشعاره قوله:

ولم أر ليلى غير موقف ساعة
بخيف مني ترمي جمار المحصب
وتبدي الحصى منها إذا قذفت به
من البعد أطراف البنان المخضب
وأصبحت من ليلى الغداة كناظر
من الصبح في اعجاز نجم مغرب
الا إنما غادرت يا بدر مالك
صدا حيثما هبت به الريح يذهب

قيل لليلى: حبك للمجنون أكثر أم حبه لك؟ فقالت: بل حبي له. قيل فكيف؟ قالت لأن حبه لي كان مشهورا وحبي له كان مستورا.

قال ابن الكلبي: إن المجنون في أول ما كلف بليلى قعد عندها يوما يتحدث فرآها تعرض عنه وتقبل على غيره فشق ذلك عليه وعرفت ذلك في نفسه فأقبلت عليه وقالت:

وكل مظهر للناس حبا
وكل عند صاحبه مكين

فخر مغشيا عليه، ثم تمادى في الغلو حتى ذهب عقله.

قال محمد بن الكلبي: نزل المجنون برهط ليلى فجاء إلى امرأة كانت عارفة بأمرها، فشكى إليها ما يجده، فوعدته أن تجمع بينهما، فمضت وأخذتها وجمعت بينهما، فأنشأ يقول:

إذا قربت دارا كلفت وإن نأت
أسفت فلا بالقرب أسلو ولا البعد
فإن وعدت زاد الهوى بانتظارها
وإن بخلت بالوعد مت على الوعد

أقول: وتمام الأبيات:

بكل تداوينا ولم يشف ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد