صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/142

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–١٣٦–

ثم إني بعد ذلك رأيته فتأملني، وقال ثعلب ! قلت نعم. قال أنشدني فأنشدته: 

أعار الجود نائله
إذا ما ماله نفدا
وإن أسد شكا جبنًا
أعار فؤاده الأسدا

ثم ضحك. ثم قال: ألا قال: 

علم الجود الندى حتى إذا
ما حكاه عل ّم البأس الأسد
فله الجود مقرّ بالندى
وله الليث مقرٌّ  بالجلد

رجل مجنون

قال أبو إسحاق الرملي: كان رجل يشير إلى الحقائق، ويلحقه الوجد مع كل لحظة ولفظة. فغلب على عقله، فلقيته في المقابر وهو ينشد: 

قد ضل عقلي وذاب جسمي
وصنت عهدي وخنت عهدك
لو قلت للنار عذبيه
إذا ابتلاني أخفرت وعدك
لصرت في قعرها أُنادي
إياك أبغي إياك وحدك

فتى مجنون

قال حيان بن علي التونسي: ركبت بحر الصين فوقعت في جزيرة فدخلت بعض سككها فقيل لي احذر، فإن هناك فتى مجنونًا، فبينما أنا واقف إذ خرج علي فًتىً مدهوش، مرتديًا بأشجانه، مؤتزرًا بأحزانه، وهو يقول:

لك هطلت الآماق، ولك بكت الأحداق، وذكرك مشهور في الآفاق، يا من ينعم بحبه لأهل الأشفاق، يا من يداوي جراحات أهل الوجد والاحتراق، فسلمت عليه فرد علي، ثم أنشأ يقول:

وكن لربك ذا حب لتخدمه
إن المحبين للأحباب خدّام
قوم يبيتون من وجد ومن قلق
ومن محبته في الليل قوّام
قد قطّعوا الليل دهراً في محبته
ما أن ترونهم بالليل نوّام