صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/137

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–١٣١–


الحب بين قلبي وقلبك فعرفتك، ثم رفعت رأسها إلى السماء وقالت تاق قلب أوليائه شوقًا إليه، فقلوبهم مربوطة بسلاسل الأنس ينظرون إليه بمعارف الألباب، ثم قالت:

أسألك. قلت نعم. فقالت: أي شيء السخاء ؟ قلت: البذل والعطاء. قالت هذا السخاء في الدنيا. فما السخاء في الدين ؟ قلت المسارعة إلى طاعة االله. قالت: فإذا سارعت في طاعته ترجو منه شيئًا ؟ قلت نعم، بالواحدة عشرة. قالت مه1 يا بطال ! هذا في الدين قبيح وإنما المسارعة في الطاعة أن يطلع المولى على قلبك، وأنت لا تريد منه بديلاً، ثم قالت إني أُريد أن ُأقسم عليه منذ عشرين سنة في طلب شهوة فاستحي منه مخافة أن أكون كأجير السوء يعمل للأجرة ولكنني أعمل تعظيمًا لهيبته.  

مجنون

قال إسحاق بن أحمد الخزاعي عن أبيه قال: قدم هارون الرشيد مدينة الرقة وبها دير يقال له دير. زكى فلما أقبلت المواكب أشرف أهل الدير ينظرون وفيهم مجنون مسلسل، فلما أقبل هارون رمى المجنون بنفسه فقال يا أمير المؤمنين قد قلت فيك ثلاثة أبيات فُأنشدك، قال نعم. فقال: 

لحظات طرفك في العدى
تغنيك عن سل ّ السيوف
وعزيم رأيك في النهى
يكفيك عاقبة الصروف
وسيول كفك في الندى
بحر يفيض على الضعيف

ثم قال يا أمير المؤمنين ! هات ثلاثة آلاف دينار أشتري بها كساًءً وتمرًا فقال الرشيد تدفع إليه ثلاثة آلاف دينار، فحملت إلى أهله وأُخرج من الدير وكان من أهل الشرف.  


  1. مه: بمعنى اكفف