صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/116

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

هتاهية

قال محمد بن إبراهيم قال لي أبي كان عندنا مجنون يقال له هتاهية. يجن ستة أشهر ويفيق ستة أشهر، فيكون في إفاقته ساكناً، وإذا هاج أكثر الكلام وصعد إلى السطوح. ويقول يا نيام ! انتبهوا من رفدة الغفلة، قبل انقطاع المهلة، واعملوا في إعداد العدة، قبل انقضاء المدة، واعلموا أن أحبالكم مقصوصة، وأعمالكممحفوظة، والموت يأتي بغتة.  

بكار العريان

 

قال أبو يعقوب السوسي رأيت ببلد مجنوناً يقال له بكار العريان. على سوءته خرقة، وبيده قصبة على رأسها كالعلم، وهو يعدو ويقول: 

كفى حزناً إني مقيم ببلدة
أحباي عنها نازحوي بعيد
أقلب طرفي في البلاد ولا أرى
وجوه أحبائي الذين أُريد

قال قلت ومن أحباؤك ؟ فأخذ بيدي وأدخلني المقابر وأشار إليها، وقال هؤلاء.  

شيبان المجنون

 

قال سالم خادم ذي النون بينا أنا أسير مع ذي النون في جبل لبنان، إذ قال لي مكانك يا سالم لا تبرح حتى أعود إليك، فغاب عني ثلاثة أيام، وأنا أتعيش1 في نبات الأرض وبقولها، وأشرب من غدرانها. ثم عاد بعد ثلاثة أيام مغبر اللون حائراً، فلما رآني عادت إليه نفسه. فقلت له أين كنت ؟ قال إني دخلت كهفاً من

كهوف الجبل، فرأيت رجلاً أغبر أشعث، نحيلاً نحيفاً. كأنما أُخرج من حفرته وهو يصلي، فلما قضى صلاته سلمت عليه، رد علي السلام وقام إلى الصلاة، فما زال يركع ويسجد حتى قرب العصر،


  1. في الأصل أتغمس.