صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/111

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
نظرت إلى الدنيا بعين مريضة
وفكرة مغرور وتأميل جاهل
فقلت هي الدار التي ليس مثلها
ونافست فيها في غرور وباطل
وضيعت أيامي أمامي طويلة
بلذة أيام قصا ٍر قلائل

ثم ولى هاربًا، فوثبت إلى الدواة وكتبت الأبيات، وأغلقت الباب.  

سمنون

قال ابن فاتك: قلت لسمنون أي منزل إذا نزله العبد قام مقام العبادة ؟ قال: إذا ترك التدبير. قال وقلت له يومًا: يا سمنون أسألك عن المحبة، قال عن محبة الله إياك تسأل أو عن محبتك إياه ؟ قلت عن محبة الله لي. قال:

لا تطيق الملائكة أن تسمع ذلك. فكيف تطيق أنت وأنشد سمنون: 

لا لأني أنساك أُكثر ذكرا
ك ولكن بذاك يجري لساني
أنت في النفس والجوانح والفك
ر وأنت المنى وفوق الأماني
فإذا أنت غبت عني عيانًا
أبصرتك المنى بكل مكاني

وقال له بعض الخلفاء: يا سمنون كيف وصلت إليه ؟ قال ما وصلت حتى عملت ستة أشياء. أمت ما كان حيًا وهو النفس، وأحييت ما كان ميتًا وهو القلب، وشاهدت ما كان غائبًا وهي الآخرة، وغيبت ما كان شاهدًا وهي الدنيا، وأبقيت ما كان فانيًا وهو المراد، وأفنيت ما كان باقيًا وهو الهوى، واستوحشت مما تستأنسون، وأنست مما تستوحشون. ثم أنشد: 

روحي إليك بكل ّها قد أجمعت
لو أن فيك هلاكها ما أقلعت
تبكي عليك بكلها في كلها
حتى يقال من البكاء تقطعت
انظر إليها نظرةًّ بمودٍةٍ
فلربما مّنّعتها فتمنعت

وله أيضًا:

لطائف برّّك ما تنقضي
وطاعات خلقك ليست تضي