صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/137

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

6 وليس هذا من خليقة كل بنية انسانية ، انما هو خليقة البنية التي تتلقى وحيا ، وتستوعب سرا، وتهتز لنبا عظيم • صفة العابد وكانت أوصافه في غير حالة الوحي توافق الاستعداد الذي يرشحه لتلقي الوحي والنبوة، فكان حسا كله، وحياة كله - پیراه من ينظر اليه فيرى فؤادا يقظا يتنبه لكل خالجة نفسية ، وكل نبأة خفية - يسرع في مشيته و يلتفت فیلتفت بكل جسمه ، ويشير فيشير بكل كفه ، و يفكر فلا يزال يطرق الى الارض، أو يرفع بصره الى السماء، ويدعو فيرفع يديه حتى يرى بياض ابطيه ، ويغضب فتحمر عيناه ووجنتاه (۱)، و يمتليء عرق جبينه و ينام وقلبه يقظ لا ينام : حس مرهف يدني اليه ما وراء الحجاب، و يوقظ سريرته الأخفى البواطن ، و يجعله أبدا في حالة قريبة من حالة الوحي حیشما هبط الوحي عليه هذه صفة عابد يفكر ويعبر ويعمل، وليست بصفة عابد ينقطع للعبادة أو ينقطع للتفكير ، أو يعمل كما يعمل بعض النساء (۲) الذين هزلت بنيتهم الجسدية فلم يبق لهم الا عکسوف (۳) الصومعة (4) ، أو رحلة الزهادة كانت عبادة محمد خلوا بالنفس إلى حين ، أو عجبا من بدائع الكون التي ألفها الناس، لأنهم لم يوهب لهم في أبصارهم و بصائرهم تلك النظرة الجديدة التي ترى كل شيء كأنه في خلق جدید ما أعظم دهشة الناظر أن يرى الشمس قد خلقت اليوم أمام عينيه دهشة لا تعدلها دهشة و هي هي دهشة العين التي أبت أن تكل (5) من الالفة ، لأنها أبدا في نظر جديد ، أو في نظر الى كل منظور كأنه مخلوق جديد - و هكذا كانت عبادة محمد عليه السلام: عجب من بدائع الكون في كل نظرة كأنه يراها لأول مرة، وتفكير في الخلق ينتهي الى الايمان لأنه يبدأ بالعجب ، ولا يزال أبدا بين العجب والايمان . - ما ارتفع من فديه - العباد ۲- عكف : عبد يع - بيت عبادة للنصاری ه - كله : أعياه ۱۳۷