(۲)
عن والله اني لأحسب العضاه ) قد وجدت فقد عمر : والغالب في امثال عمر من أصحاب الطبائع القوية المهيبة أن تحجب عنهم الهيبة ألفة الغرباء الذين لا يختلطون بهم في السر والعلانية ، بل تحجب عنهم ألفة الأقربين في كثير من الأحيان ، لأنهم من تفردهم بالصراحة والحق في عزلة دائمة بين ألصق الناس بهم وأقربهم اليهم : أعاذك أنس المجد من كل وحشة فانك في هذا الأنام غریب ولكنهم لا يكرهون الا خطا أو حسد لئيم . وكان عمر على التخصيص ممن لا يثيرون شعور الكراهية في قلب انسان : لأنه كان على عظم د شخصيته ، مبرا من العنصر الشخصي ، في معاملة الأصدقاء والخصوم . وانما ينجم العداء الشديد من الاحساس بهذا « العنصر الشخصي ، ومقابلته بمثله مقابلة اصطدام وانتقام... فالذين كانوا يذوقون انصاف عمر كانوا يستمرئونه ويحبونه ، والذين كانوا يذوقون عقابه كانوا لا يشعرون بعمر بن الخطاب معاقبا لهم الا عليهم ، وانما يشعرون بميزان الشريعة منصوبا على رؤوسهم . يتساوون فيه وعمر وأبناء عمر لو وجب العقاب . فلا موضع هنا للضغينة ولا لاصطدام النفس بالنفس واحتدام الحزازة بالحزازة . ولهذه الخصلة ذكره بالحب والاعجاب من ابتلوا بعدله أشد ابتلاء ، وانطبعت نفوسهم على الدهاء أو الهجاء . فعمرو بن العاص ومعاوية كانا يثنيان عليه وشد ما ابتليا في حياته بضربات عدله وهيبته ، والحطيئة أهجى الشعراء وأبخلهم بالثناء ، كان رفاقه يذكرونه اسم عمر بعد موته فيرتعب ثم يهدأ فيقول : ذلك المرء !.. وشى عليه ، وقد قال عمرو بن العاص اذ رأی عمر یبکی الاستعطاف الحطيئة إياه في سجنه : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء اعدل من رجل یکی علی ترکه الحطيئة ... وقد شاء القدر أن يموت عمر قتيلا فلا يكون قتله دليلا على بعضاء عضاهة : وهو شجر کبیر . (۲) أي حزنت له شوك (۳) أي يظهر • (4) من قولهم : مرا الطعام فهو مری، هنية حميد المغية . (5) الأرض