صورة بحملة
صحبنا عمر بن الخطاب في حالات كثيرة تختلف فيها صور الرجال .. صحبناه في جاهليته وإسلامه ، وفي سره وعلانيته ، وفي بيته وحكومته ، وفي دينه وثقافته ، وفي اتصاله بالله واتصاله بالناس . فاذا الصورة المجملة هذه الصور المختلفة صورة رجل عظيم من معدن العبقرية والامتياز بين الناس على اختلاف العصور . واذا هو صاحب مناقب .وأخلاق من أنبل الصفات الإنسانية توافقت فيه على قوة نادرة وتلاقت فيه إلى غاية واحدة : وهي إحقاق الحق وإدحاض١ الباطل ، ووسمته جميعا بسمة الجندية المجاهدة التي تحمي الحدود للناس وتحميها من الناس ، وهو هو في طليعة من يحمي وفي طليعة من يحتمي على السواء
ورسخت في طويته خليقة المساواة في العدل حتى أصبحت كالوظيفة العضوية التي لا تنفصل منه ، وحتى أصبح يتجرد من نفسه أو يجرد منها شخصا آخر غريبا عنه لا فرق بينه وبين أحد في حدود الله وحرماته ، وتمكنت هذه الخليقة منه حتى جرت على لسانه عامدا وغير عامد ، فكان يتكلم عن تفسيه كما يتكلم عن غريب : بخ بخ ياعمر !.. ويحك يا ابن الخطاب ! ماذا يقول عمر؟.. وهذا فلان وليس بغلان ولدی... إلى أشباه هذه التجريدات التي تنبعث فيه من خليقة التسوية بين جميع الناس ، وبينهم وبين نفسه قبل جميع الناس
وكانت فيه خشونة الأقوياء الصرحاء ، ولكنه كما قال عارفوه من الصحابة : « باطنه خير من ظاهره» أو كما قال فيه الصديق من فحواه : « أن مبغضيه هم المبغضين للخير»
وكان له محبون من كرام الناس لا يعدلون بحبه حب أحد من أمثاله
فكان عبد الله بن مسعود يقول : « لو أعلم عمر کان يحب كلبا لأحبته ،
- ↑ أي أبطال.