فسقط عن ظهر جوادهِ فركب وحاول ثانيةً فسقط ولكنه نهض قبلما وصل إلى الأرض وحاول ثالثةً فنجح.
ومما يماثل ذلك الحادثة التي حدثت لأوديبون العالم بالطيور وقد قصَّ خبرها بقولهِ «أصابتني مصيبة أتلفت مئتي رسم من رسوم الطيور التي رسمتها ولاشت كل أتعابي في هذا الفن. فإنني وضعتُ هذه الرسوم في صندوق وائتمنت عليه رجلًا من معارفي بعد أنْ طلبتُ منهُ أنْ يحترس عليهِ كلَّ الاحتراس لأني ضمَّنتهُ نتيجة أتعاب سنين عديدة. ثم مضيت لأمرٍ ما وبعد بضعة أشهر رجعت وافتقدت الصندوق الذي كنت أسميهِ كنزي ولما فتحتهُ وجدت ما تتفتَّت له الأكباد لأن كلَّ أتعابي أضحت فريسة لجرذين كبيرين دخلا الصندوق من أحد جوانبهِ وقرضا كلَّ ما فيهِ من الأوراق وطحناها طحناً وولدا بينها عائلة كبيرة. فصعد الدم إلى رأسي وأصابتني رجفة ورعدة وانطرحت على ظهري ومضى عليَّ أيام عديدة وأنا في سبات عميق. ولما رجعت إلى نفسي أخذت بندقيتي وقلمي وانطلقت إلى الغابات كأن لم يكن من الأمر شيء بل كنتُ مسروراً بأني صرت أقدر أنْ أرسم رسوماً أفضل من الأولى. وهكذا كان لأنه لم يمضِ عليَّ إلَّا ثلاث سنوات حتى جمعت بدل كلِّ ما خسرتهُ»
ومن قبيل ذلك ما أصاب أوراق السر إسحاق نيوتن وذلك أنَّ كلبهُ رمى عليها شمعة مشتعلة فأحرقتها ولاشت حسابات كبيرة كان ذلك الفيلسوف قد تعب سنين عديدة على استخراجها. ويقال إنه حزن من جراءٍ ذلك حزناً مفرطاً أثَّر في صحته تأثيراً شديداً وأضعف فهمهُ. ومثل ذلك ما أصاب المجلد الأول من كتاب كارليل في الثورة الفرنسوية فإن رجلًا استعارهُ ليطَّلع عليهِ فحدث أنهُ ألقاهُ في أرض غرفة ونسيهُ وبعد مدةٍ أرسل كارليل في طلبهِ ليطبعهُ فرود إليهِ الجواب أنَّ الخادمة وجدتهُ ملقًى على الأرض فظنتهُ رزمة ورق لا