لا شيءَ أفضل من الرجاءِ ولا شيء يقوم مقامهُ فالرجاءُ أو الأمل هو الذي يشجع الإنسان ويقوّيهِ على اقتحام المصاعب. قال الشاعر
إنَّ كاري المبشر الشهير فاق أقرانهُ في كثرة لأعمالهِ ولكنهُ كان دائماً مسروراً وذلك لرجائهِ الثابت وأملهِ الوطيد. قيل إنهُ وهو في الهند كان يشغل ثلاثة كتَّاب فأكثر وكان إذا تعب من عمل وأراد أنْ يستريح يبدلهُ بعمل آخر. وكان معهُ اثنان وهما ورد ومرشام1 وبهمة هؤلاء الثلاثة أقيمت مدرسة كلية في سيرمبور وستة عشر مركزاً للوعظ وترجمت التوراة إلى ست عشرة لغة وصار انقلاب أدبي عظيم في كلِّ الهند الإنكليزية. ومع أنَّ أصل هذا الرجل وضيع كما أشرنا لم يكن يخجل من ذلك. قيل إنهُ دُعِي مرة إلى وليمةٍ أولمها الوالي فسمع وهو على المائدة أحد الضباط يقول لجارهِ ألم يكن كاري سكَّافاً فأجابه كاري على الفور كلا يا مولاي بل كنتُ أُرقع الأحذية العتيقة. وقيل إنهُ حاول في حداثتهِ طلوع شجرة فسقط وكُسر رجلهُ فلازم الفراش إلى أنْ جبرت وأول ما استطاع النهوض والمشي ذهب إلى تلك الشجرة وطلعها ومازال ذلك دأبهُ الذي غلب بهِ كلَّ المصاعب التي حالت دون إتمام مقاصده.
وكان من جملة مبادئ الدكتور ينغ الفيلسوف أنَّ كل إنسان يقدر أنْ يعمل كل ما عملهُ إنسان آخر. وما أحسنَ ما قالهُ ابن الوردي
ومن المعلوم أنَّ ينغ هذا لم يأخذ في عملٍ وأَلَا عنه جهداً. روى بعضهم أنهُ أول ما ركب فرسًا وسار مع فارس شهير فوصلا إلى جدار رفيع فوثب الفارس بجواده من فوقهِ فأراد ينغ أنْ يقتدي به
- ↑ إنَّ كاري ابن سكَّاف وورد ابن نجَّار ومرشام ابن حائك.