في ستفوردشير فلم تكن بيضاء تماماً بل ذات لون ترابي يضرب إلى الصفرة. فهذه كانت حالة صناعة الخزف في إنكلترا لما ولد يوشيا ودجود وذلك سنة ١٧٣٠ إلَّا أنه لم يمُت حتى غيَّرها تغييراً تامًّا مع أنهُ لم يعش أكثر من أربع وستين سنة. وباجتهادهِ ومهارتهِ قامت هذه الصناعة على أسس وطيدة أو كما قيل في رثائهِ إنهُ حوَّل عمل الخزف من حرفة خشنة لا شأن لها إلى صناعة بديعة ذات قدر وطائل في تجارة البلاد.
وهذا الرجل من الرجال الابدال الذين ينبغون حيناً بعد حين من بين عامة الشعب ويعلمونهم الاجتهاد بالفعل لا بالقول ولا يقتصرون على ذلك بل يؤثرون في مجموع الأمة بقدوتهم في الاجتهاد والثبات وهم دعائم الأمة وأركان عزها. كان لأبيه ثلاثة عشر ولداً وهو أصغرهم وكان أبوهُ خزَّافاً وكذلك جدُّهُ وأخو جدهِ. ومات أبوهُ وترك له ميراثاً يساوي عشرين جنيهاً فقط وهو في الحادية عشرة من عمرهِ وكان يتعلم القراءة في مدرسة صغيرة فأُخذ منها ووضع عند أخيهِ الأكبر ليعمل معهُ في صناعة الفخَّار. وبعد مدة قصيرة أصيب بالجدري ونشأ عن الجدري مرض في ركبته اليمنى كان يخطر عليه مراراً كثيراً حتى اضطرَّ إلى بترها. قال غلادستون في ترجمة ودجود التي تلاها في برسلم «لا يبعد أنَّ مرض رجلهِ كان سبباً لشهرتهِ لأنه منعهُ من استعمال كلِّ أعضائهِ وبالنتيجة عن أنْ يكون عاملًا نشيطاً كغيرهِ من العمَّال الإنكليز فاضطرَّ أنْ ينصبَّ على أمر آخر فأعمل فكرتهُ في سر صناعتهِ فبلغ ما يستحق أن يحسدهُ عليهِ خزافو اثينا»
ولما تعلَّم ودجود هذه الصناعة من أخيهِ اشترك مع إنسان آخر وأخذا يصنعان نُصُباً للسكاكين وصناديق وغيرها من الأدوات. ثم تركهُ واشترك مع إنسان آخر يصنع قناديل وعلباً للسعوط وما أشبه ولكنهُ لم ينجح كثيراً. وسنة ١٧٥٩ فتح معملًا خاصّاً به في برسلم