فدرس الكائنات الطبيعيَّة لكي يرسم أشكالها على مصنوعاته وقد شهد لهُ بيفون الشهير أنهُ كان من البارعين في علم التاريخ الطبيعي. ومصنوعاتهُ تُعَدُّ الآن من التحف النادرة وتباع بأثمان تكاد تفوق التصديق فإنهُ بيع في لندن منذ سنين قليلة صحفة من عملهِ قطرها اثنتا عشرة بوصة بمائة واثنتين وستين جنيهاً إنكليزيّاً. وجميع النقوش التي على مصنوعاتهِ منقولة عن صور الحيوانات والنباتات التي في جوار سنتس وهي في غاية من الإتقان في الرسماً والوضعاً.
ولم تنتهِ مصائب بالسي هنا لأنهُ كان من طائفة البروتستانت التي ثار عليها الاضطهاد في جنوبي فرنسا في ذلك الحين وكان جسوراً لا يجزع من بث آرائه فقام عليه خصومهُ وطرحوهُ في سجن بُردو. ودخل أهل الفتنة معمله وكسَّروا كلَّ ما فيه من الآنية ثم حُكم عليه بالحرق لكن توسَّط أمرهُ الكنستابل منمورنسي لا إكراماً لهُ ولا لمذهبهِ بل لأنهُ لم يكن حينئذٍ صانع ماهر مثلهُ لعمل بلاط قصره الفاخر الذي كان آخذاً في إقامته في أكون فأخرج لهُ أمراً ملكيّاً يعيِّنهُ مخترعاً لهُ وللملك فأُنْقِذ من محكمة بُردو ورجع إلى سنت ولكنهُ رأى بيتهُ ومعاملهُ مفتوحةً منهوبةً ومصنوعاته مكسرةً فنفض غبار سنت عن رجليهِ وانتقل إلى باريز وأقام في التويلري وكان يعمل للكنستابل ولأمّ الملك.1
وألف بالسي في أواخر حياته كتباً كثيرة في صناعة الخزف لكي يعلِّم أبناء وطنهِ هذه الصناعة ويرشدهم إلى تجنُّب الأغلاط التي وقع هو فيها. وألف أيضًا في الزراعة وبناءِ الحصون والتاريخ الطبيعي وألقى خطباً في هذا العلم الأخير. وكتب ضد التنجيم والكيميا (بمعناها
- ↑ من برهة وجيزة اكتشف رجل مغرم باكتشاف آثار البروتستانت في فرنسا يسمى تشارلس ريد على الأفران التي كان بالسي يشوي مصنوعاته فيها واحتفر من هناك عدداً من القوالب عليها رسم وجوه ونباتات وحيوانات ونحو ذلك وعليها سمة بالسي المعروفة