وخلاصة ما يقال عن هذا الرجل العظيم أنهُ كان ثاقب الفكر سديد الرأي سريع الخاطر محبًّا للعمل أميناً مستقيماً ولما كان قد نال ما نالهُ باجتهادهِ كان إذا رأى شابّاً من العاملين عندهُ مجتهداً نشَّطهُ وقوَّى عزمهُ حتى يزيد اجتهاداً وتقدُّماً. وأكبَّ مع كثرة أعمالهِ على تعلُّم اللغة الفرنسوية والإيطالية فأحسنهما وطالع تآليف كثيرة وأغنى عقلهُ بكنوز المعرفة. وكان في معاملهِ أكثر من ألفي عامل كانوا جميعهم ينظرون إليهِ كأب لهم لاهتمامهِ براحتهم ورفاهتهم كاهتمامهِ بنفسهِ فإن نجاحهُ لم ينزع الشفقة من قلبهِ بل زادهُ ليناً وحنوّاً حتى صار عضداً للفقراءِ وملجأً للبائسين. وبنى مدارس لتعليم أولاد العمال العاملين في معاملهِ أنفق عليها ستة آلاف جنيه. وكان مع ما ذُكِر بشوش الوجه أنيس المحضر محبوباً ومكرماً من الجميع. وسنة ١٨٣١ اختارهُ أهالي تيڤرتون نائباً عنهم في البرلمنت فأقام في هذا المنصب نحو ثلاثين سنة. وحينما تنحَّى عنهُ بسبب شيخوخته أهدى إليه ألف وثلاثمائة من الفعلة العاملين في معامله دواةً من الفضة وقلماً من الذهب علامة لاكرامهم له. وتُوفِّي سنة ١٨٦١ ولهُ من العمر سبع وسبعون سنة وترك بعدهُ اسماً تفتخر به ذريتهُ.
والآن نلتفت إلى شخص آخر ليس أقل شهرة من هثكوت ولو كان أقل سعداً منهُ وهو جكار الشهير. ولد جكار بمدينة ليون من أبوين فقيرين صناعتهما الحياكة ولما بلغ سن الرشد وضعه أبوه عند مجلد ليتعلم تجليد الكتب وكان لهُ ميل شديد إلى عمل الآلات فأشار بعضهم على أبيه أنْ يعلمهُ صناعةً توافق ميلهُ فوضعه عند سكَّان ( صانع سكاكين ) وكان هذا السكَّان شرس الطباع فتركهُ جكار وخدم عند صانع حروف. ثم تُوفِّي أبواهُ فاضطر أنْ يحترف الحياكة في نولَيهما ولكنهُ ما لبث حتى خطر لهُ أنْ يحسن هيئة النولين ويصلحهما واكبَّ على ذلك فنسي نفسهُ ولم يشعر إلَّا والفقر قد دهمهُ فباع النولين لكي يوفي