صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/139

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۱۳۱
الفصل السادس

المصورين الثرثارين ويقول إنَّ المتكلم يزرع والساكت يحصد. ويوبّخ الذين يلهونهُ بالحديث بقولهِ لهم هلموا نعمل عملًا ما. وقال مرة لأحد أصحابهِ إنني لما كنت أَدْرُس في المدرسة الأسكتسية كان من عادة المعلم غراهم أنْ يقول لنا بكلام رينادز إذا كان لكم موهبة فالاجتهاد يقويها وإن لم يكن لكم موهبة فالاجتهاد يقوم مقامها ولذلك عزمت أنْ أكون مجتهداً إلى الغاية القصوى لأنني أعلم أنْ ليس لي موهبة.

وهاك مثالًا آخر للاجتهاد العظيم والمواظبة المستمرة في حياة وليم أَتي وهو ابن صانع كعك وأمهُ ابنة صانع حبال وقد وُضِع في صغرهِ عند طبَّاع ليتعلم صناعة الطباعة ولكنهُ كان يغتنم كل فرصة ويمارس الرسم فكان يملأ الحيطان برسومهِ ولو بفحمة. ولما انتهت مدة تلمذته للطباع عزم أنْ يتبع ميلهُ الطبيعي فساعده عمهُ وأخوهُ حتى طلب في المدرسة الفنون الملكية ولم يكن ذكيًّا إلَّا أنهُ كان مجتهداً فارتقى باجتهادهِ إلى أسمى المراتب.

إنَّ أكثر الصناع قاسوا ضيقات عظيمة واحتملوا ضنك المعيشة الشديد قبل أنْ نجحوا النجاح المطلوب وكثيرون منهم برَّحت بهم المصائب ولم تنفرج حتى أوردتهم حتفهم. مثال ذلك أن مرتن المصور أصابتهُ ضيقات شديدة قلَّ مَن أصابهُ نظيرها لأنهُ مراراً كثيرة أوشك أنْ يموت جوعاً وهو يصور الصورة الأولى الكبيرة. روى بعضهم أنهُ مرة لم يكن في كيسه إلَّا شلن واحد وكان قد عني بحفظهِ لأنهُ وجدهُ لامعاً أكثر من غيرهِ ثم اضطر أنْ يبتاع به خبزاً لسد رمقهِ فمضى إلى الخباز واشترى بهِ خبزاً وهمَّ بالخروج، فنظر الخباز وإذا بالشلن زائف فردَّهُ عليهِ وأخذ منهُ الخبز. فرجع إلى منزلهِ منصدع الفؤاد وأخذ يفتش في مزودهِ عساهُ أنْ يجد شيئاً من فتات الخبز يسد بهِ رمقهُ. وقد احتمل هذا الضنك الشديد بالصبر الجميل وجدَّ في عمل الصورة