صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٣٥ -

عكس المراد بالمدنية. ففترت الحاسَّات الدينية ونزع الناس إلى الشك في الدين وآل الأمر في بعض الأحوال إلى فساد الآداب. لأن العامة لا تستغني عن وازع ديني يُصلِح من آدابها. ومن أكبر أسباب الفساد إلقاء الشكوك الدينية في أذهان الناس.

طعامهم وشرابهم

والفرنساويون يُكثِرون من أكل اللحوم في طعامهم وهو شأن أكثر سكان أوربا وخصوصاً في البلاد الباردة لاحتياجهم إلى المواد اللحمية في مقاومة البرد. ولهذا السبب أيضاً يكثرون من شرب الخمور وتكاد لا تجد بينهم من لا يشرب الخمر على المائدة رجالاً ونساء وأولاداً. وكثيراً ما يجر ذلك إلى إدمان المسكر فكثر المدمنون عندهم ولا سيما في الطبقات السفلى كالعمال والصناع. أما شرب الخمر الاعتيادية فإنه عام ولا يشترط أن يكون على المائدة. ولذلك ترى وجوه الفرنساويين مشرقة أو مشربة حمرة — ولا يدل ذلك على الصحة دائماً وقد يدل على المرض. وترى صاحبه يميل إلى النعاس بعد الطعام ويظهر ذلك في ساقة المركبات بباريس لأن أحدهم إذا لم يكن سائقاً مركبته لا تراه إلا نائماً على كرسيه ورأسه متدلٍ على صدره وقد احمرت وجنتاه وانتفخت أوداجه. وحوادث المسكر بمصر على كثرتها قليلة بالنسبة إلى تلك البلاد. ولكننا نشكو من شيوع الحشيش بمصر رغم منعه رسمياً. على أننا سمعنا بوجوده في باريس أيضاً بأمكنة يعرفها طالبوه.