صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/22

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ١٨ -

تشبهها حتى كثيراً ما تعرض فيها روايات فرنساوية يمثلها أجواق من باريس. لكننا رأينا على مراسح التمثيل في باريس وغيرها من المدائن الكبرى في فرنسا وسويسرا ضرباً من التمثيل الانتقادي يسمونه في اصطلاحهم revue ويريدون به انتقاد العادات والأخلاق والآداب على المراسح في شكل بين الجد والهزل يلذ للمشاهدين لأنه يتعلق على الخصوص بالأمور الجارية التي يتحدث بها الناس. وكثيراً ما ينتقدون الكتاب أو رجال السياسة على كتاب ألفوه أو رأي رأوه. وقد شهدنا تمثيلاً من هذا النوع في باريس انتقدوا فيه حرية المرأة الباريسية على أسلوب مؤثر فمثلوا عروساً عقد عليها لرجل وخرجت معه في الشارع فأصبحت كلما رأت رجلاً تعرفه أو رأت أن تحبه ضمته وقبلته وزوجها يرى ذلك. فإذا اعترضها احتجت عليه بحرية المرأة بقولها: «إن هذا العصر عصر حرية». وانتقدوا عادة البراز انتقاداً يحقرها في عيون محبيها وانتقدوا مقالات كتبت في الأحوال الجارية بباريس. وشهدنا في تمثيل آخر في جنيف انتقاد المعاهدات الدولية والمجاملات السياسية ومثلوا في جملتها حرب الدولة العثمانية والإيطاليان وغير ذلك. فهذا الأسلوب من التمثيل لا مثيل له عندنا لكنه مفيد ولذيذ.

٥ - مظاهر حضارتها

أرقى مدائن فرنسا بلا خلاف باريس ومع ذلك فالذاهب إليها