صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/135

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ١٠٧ -

عليها قولهم «إلى اليسار» فإذا تلاقى اثنان وتحول كل منهما إلى يمينه لا يتصادمان وكذلك إذا تحولا إلى اليسار. أما إذا تحوَّل أحدهما إلى يمينه، والآخر إلى يساره فإنهما يتصادمان. ولذلك فالفرنساوي والإنكليزي إذا تلاقيا ومشى كل منهما على ما تعوده في بلده لا بد من تصادمهما!

(٤) ليس في لندن أماكن عمومية للفحشاء كما في باريس لأن الحكومة الإنكليزية تحظر على الناس الاتجار بها> خلافاً لمعظم حكومات أوربا وقد أحسنت إنكلترا ويا حبذا لو اقتدت مصر بها في ذلك فأخذته عنها كما أخذت غيره من أسباب المدنية - ولكن مصر أباحت إنشاء تلك الأماكن اقتداء بفرنسا وغيرها من الدول التي تبيحه وقد أخطأت كما بينا ذلك في الهلال.
(٥) إن هيبة التدين ظاهرة في لندن أكثر مما في باريس ولا سيما في أيام الآحاد. فإن تلك المدينة الضخمة التي تعج أسواقها بالناس عجيجاً في أثناء الأسبوع وقد بسطت فيها البضائع وعرضت السلع على قوارع الطرق تصبح في يوم الأحد خاليةً خاوية لا تجد فيها بائعاً ولا شارياً ولا صانعاً ولا عاملاً وإنما يخرج الناس بعد الصلاة للنزهة في الحدائق العمومية أو غيرها في لندن وضواحيها. وهكذا تفعل سائر مدن إنكلترا وقراها حتى السكك الحديدية فإن حركتها تخف في أيام الآحاد والأعياد. فالإنكليز من أكثر أمم أوربا تديناً وقد نفعهم ذلك في كثير من أحوالهم الاجتماعية.