صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/106

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٨٦ -

معاضدتها وعلم عبد القادر في أواخر سنة ١٨٤٧ بقدوم المراكشيين لغزو زملته ولم يكن فيها أكثر من خمسة آلاف والمراكشيون يزيدون على خمسين ألفاً. فخاف الأمير على رجاله وإن لم يعرف الخوف قبلاً فعادت إليه نخوته فهجم ليلاً بذلك الجيش القليل وفرق شمل المراكشيين ثم عادوا فاجتمعوا ثانية فهاجموه فطاردهم وظهر عليهم لكنه خسر جانباً من رجاله فرأى الانسحاب أفضل له فرجع إلى الجزائر فوصل مكاناً علم بعد وصوله إليه أن الجيش الفرنساوي على مسافة ثلاث ساعات منه ورأى أن جيشه قد أنهكه السفر والحرب فخشي أن يقع هو وزملته في أيدي الفرنساويين لأنه لا يستطيع الرجوع والمراكشيون من ورائه يطاردونه ولكنه عاد فرأى أن يبذل قصارى جهده فجمع إليه رجاله فخطب فيهم مفصحاً عما هم فيه من الضيق وقال «أراكم قد وفيتم بما بايعتموني عليه وبذلتم جهدكم في معاضدتي. وأما الحالة الراهنة فتقضي علينا بالتسليم للعدو وعندي أن التسليم للفرنساويين خير من التسليم للمراكشيين فما رأيكم؟»

فأجابوه أنهم على رأيه فنظر إليهم فإذا هم عدة من أحسن الرجال وأشدهم وقد رافقوه في حروبه خمس عشرة سنة فشق عليه أن ينتهي جهاده بهذا التسليم للعدو ولكنه أذعن لحكم الضرورة قسراً وهو غير خائب لأنه جاهد الجهاد الحسن أكثر من ١٥ سنة حتى نفدت الحيلة.