صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/100

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٨٢ -

وفيها الشوارع المنتظمة والساحات الفسيحة والقصور الفخيمة. وقد بنيت في الأصل على بقعة رملية لا ماء فيها وإنما رغب لويس المذكور في بنائها لصفاء جوها ونقاوة هوائها. فأنفق في إنشاء قصره وجلب الماء إليها مالاً طائلاً. وأحصوا عدد الذين اشتغلوا في ذلك فبلغوا ٣٦٠٠٠ رجل و٦٠٠٠ حصان. وبلغت النفقة عليها في أيام لويس الرابع عشر ما يقدر بنحو خمسمائة مليون فرنك. غير الذين سخروا في العمل بلا أجرة. ولعل هذا الملك السعيد اقتدى بما فعله عبد الرحمن الناصر صاحب قرطبة ببناء الزهراء أو المنصور بن أبي عامر ببناء الزاهرة أو ابن الأحمر ببناء الحمراء في غرناطة. وتقدر نفقات الزهراء بنحو ٥٠٠٠٠٠٠٠ دينار أي نحو ما أنفقه لويس هذا على قصره في فرسايل ولكن عدد المشتغلين في بناء الزهراء كانوا ١٠٠٠٠٠ و١٥٠٠ دابة. على أن الزهراء أمحت الآن وعفت آثارها وأما فرسايل فلا تزال باقية والفرنساويون يبالغون بالاحتفاظ بها.

واتخذ لويس المذكور فرسايل مسكناً له سنة ١٦٨٢ ومنها كان يصدر الأوامر لحكومته أو جنده. وفيها تزوج مدام دي منتنون سنة ١٦٨٢ بعد وفاة ماري تريز وصارت فرسايل بعد ذلك مقرًّا لملوك فرنسا وفيها عقدت أكثر الاجتماعات السياسية الهامة في أثناء القرنين الماضيين قبل الثورة وبعدها وتقلبت على أحوال عسر ويسر وفيها أُمضيت معاهدة سنة ١٧٨٣ بين فرنسا وإنكلترا على